أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما
معاني المفردات
أَسْبِغ : من الإسباغ وهو الاتساع والإتمام، أي : وفِّ كلِّ عضوٍ حقه في الغسل؛ فهو الإتمام واستكمال الأعضاء. وَخَلِّلْ : تخليل الأصابع: التفريج بينها، وإسالة الماء بينها. وَبَالغْ في الاستنشاق : ابذل الجهد واستقص بإيصال الماء إلى أقصى الأنف. إلا أن تكون صائما : هذا الاستثناء يعود إلى الاستنشاق, لا إلى تخليل الأصابع. خَزِيْرة : حساء من دَقِيق ودسم.
شرح الحديث
يبين لنا الصحابي الجليل لقيط بن صبرة رضي الله عنه أنه كان وافد قومه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن عادة الوفود أن يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عما يهمهم ويشكل عليهم، وقدمت لهم عائشة حساء وتمرًا، ورأوا راعيًا للنبي صلى الله عليه وسلم ومعه شاة مولودة صغيرة، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يذبح شاة، وأخبر الوفد أنه لم يذبحها من أجله حتى لا يظن أنه تكلف في الضيافة فيرفض، وكان من أسئلته رضي الله عنه أنه سأل عن كيفية التعامل مع الزوجة في حال كان لسانها بذيئاً، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن العلاج في وعظها إن كان فيها خير وإلا فالطلاق، كما أمره -عليه السلام- بأن لا يضرب زوجته ضرب الأمة، كذلك سأل عن الوضوء فبين له النبي صلى الله عليه وسلم وجوب الإسباغ بمعنى إكمال غسل كل عضو يغسل من أعضاء الوضوء وإكمال مسح ما يمسح، وسنية التخليل، وذلك لضمان وصول الماء لأعضاء الوضوء، أما إذا كان الماء لا يصل لما بين الأصابع إلا بالتخليل فهذا من الإسباغ الواجب، ثم بين سنية المبالغة في الاستنشاق لغير الصائم خشية أن يصل الماء لجوفه، وما يدل على سنيته وعدم وجوبه أنه مرغب فيه حال الفطر فقط.
التوثيق
- الدرجة: صحيح
- المصدر: رواه أبو داود والترمذي والنسائي مختصرًا وابن ماجه وأحمد والدارمي
من فوائد الحديث
الإسباغ نوعان: 1. إسباغ واجب، وهو ما لا يتم الوضوء إلا به، ويراد به غسل المحل واستيعابه. 2. إسباغ مستحب، وهو ما يتم الوضوء بدونه، ويراد به ما زاد على الواجب من الغسلة الثانية والثالثة، فهذا مندوب إليه. استحباب تخليل أصابع اليدين والرجلين عند غسلهما، وتخليلهما جعل الماء يتخلل بينهما. الحديث دليل على وجوب المضمضة في الوضوء. الحديث دليل على استحباب المبالغة في الاستنشاق إلا للصائم فليست مستحبة، لئلا تؤدي المبالغة في الاستنشاق إلى دخول الماء من الأنف إلى الحلق فيفسد الصوم. استدل العلماء بهذا الحديث على قاعدة (سَدِّ الذرائع) وهي جمع ذريعة، وهي الفعل الذي ظاهره مباح، لكنه وسيلة إلى فعل محرم.