لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء
معاني المفردات
لولا : حرف امتناع لوجود, أي امتناع حصول شيء لوجود شيء يمنع، والمعنى هنا لولا خوف المشقة على أمتي لأمرتهم بالسواك أمرًا لازمًا. أشُقَّ : أُثقِل عليهم, من المشقة وهي الشدة. أُمَّتي : جماعتي, والمراد بهم أمة الإجابة, وهم من آمن به واتبعه. لأمرتهم : لألزمتهم. بالسواك : باستعمال السواك, وهو اسم للعود الذي يستاك به من الأراك وغيره.
شرح الحديث
بيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أنه لولا ما خشيَه من لُحوق الجهد والمشقة والشدة بأمته وأتباعه الذين آمنوا به: لأمرهم أمر إلزام وفرض بأن يستاكوا مع كل وضوء، ولكنه امتنع عن ذلك رحمة بهم وشفقة عليهم، ولم يجعله من الفرائض المتحتمة، وإنما من السنن المستحبة التي يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها.
التوثيق
- الدرجة: صحيح
- المصدر: رواه مالك والنسائي في الكبرى وأحمد
من فوائد الحديث
تأكد استحباب السواك مع كلِّ وضوءٍ، وأنَّ ثوابه قريبٌ من ثواب الواجبات. أنَّ السِّواك عند الوضوء -وعند غيره من العبادات من باب أولى- ليس بواجب، فقد منعه -صلى الله عليه وسلم- من إيجابه على أُمَّته مخافة مشقتهم. أنَّ الذي منع الأمر بوجوبه هو المشقة، وذلك خشية عدم القيام به، ممّا يترتَّب عليه الإثمُ بتركه. هذا الحديث العظيم دليلٌ على القاعدة الشرعية، وهي: "درء المفاسد مقدَّمٌ على جلب المصالح"؛ فمفسدة الوقوع بالإثم من ترك الواجب، مَنَعَتْ من مصلحة وجوب السِّواك عند كل وضوء. هذا الحديث الشريف من أدلَّة القاعدة الكبرى: "المشقَّة تجلب التيسير"؛ فخشية المشقَّة سبب عدم فرضيته. شفقة النبي -صلى الله عليه وسلم- على أمته, فكثير من العبادات الفاضلة يترك النَّبي -صلى الله عليه وسلم- فعلها مع أمته، أو أَمْرَهُمْ بها، خشيةَ فرضها عليها. سعة هذه الشريعة وسماحتها، ومسايرتها للحالة البشرية الضعيفة؛ قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} وقال: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}. الحكمة في الأمر بالسواك أن يكون المسلم في حالة كمال النظافة؛ لإظهار شرف العبادة, ولئلا يؤذي الملائكة والمصلين. لم يرد في الحديث موضع الاستياك لكن العلماء ذكروا أنه عند المضمضة لمناسبته. يدل الحديث على قاعدة أصولية، وهي: أن الأمر المطلق يفيد الوجوب، ووجهه: أنَّه لو كان الأمر يفيد الاستحباب، لما امتنع -صلى الله عليه وسلم- من أمرهم بالسواك؛ ولكن ما يقتضيه الأمر، وما يفهمه الصحابة والعلماء من الأمرِ المجرَّدِ عن قرينة صارفة، هو الوجوب، وهو الذي منعه من أمرهم بالسواك. أن النبي -صلى الله عليه وسلم- له أن يجتهد في الأحكام, ثم إن أقرَّه الله تعالى فالحكم شرعي بإقرار الله, وإن لم يقرَّه الله -تعالى- ارتفع الحكم. استحباب إزالة الروائح الكريهة عند الصلاة وعند دخول المساجد.