إن الله أعطى كل ذي حق حقه، ولا وصية لوارث، والولد للفراش، وللعاهر الحَجَر، ومن ادَّعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه رغبة عنهم فعليه لعنة الله، لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا
معاني المفردات
جرانها : مقدم عنقها من مذبحها. لتقصع بجرتها : قصع الجرة: شدة المضغ وضم بعض الأسنان على بعض. وقيل: قصعت الناقة بجرتها: أي ردتها إلى جوفها. والجرة: من الاجترار, يقال: اجترَّ البعيرُ: أي أعاد الأكلَ من بطنه إلى فمه ليمضغه ثانية ثم يبلعه. للفراش : الفراش لغة البساط على وجه الأرض؛ وتسمى المرأة فراشا لأن الرجل يفترشها, والمعنى: أنَّ الولد لصاحب الفراش، والفراش: زوجته، أو أمته. للعاهر : للزاني. الحجر : يريد أن له الخيبة فلا حظ له في نسب الوالد، وهو كقولك: له التراب، أي لا شىء له, وهذه كلمة تقولها العرب. ومن ادعى إلى غير أبيه : انتسب إلى غير أبيه. انتمى : انتسب إليهم. مواليه : جمع مولى, والمولى المعتِق. صرفا : الصرف: النافلة، وقيل التوبة. عدلا : العدل: المراد به هنا الفريضة.
شرح الحديث
يذكر عمرو بن خارجة رضي الله عنه أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم قريبًا منه، فخطب -عليه الصلاة والسلام- الناس وهو على ناقته، ولعابها يسيل بين كتفي عمرو، وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم بيّن -في خطبته هذه- جملة من الأحكام، منها أن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه، وبيَّن له حظه ونصيبه الذي فُرض له فلا تجوز الوصية للوارث، ثم بيَّن أن الولد للفراش، فلا ينسب إلا إلى صاحب الفراش، سواء كان زوجًا أو سيدًا، وليس للزاني في نسبةٍ حظٌّ، إنما الذي جُعل له من فعله الخيبة، واستحقاق الحد، ثم بين حرمة انتساب الإنسان لغير أبيه، أو انتساب المولى المعتَق لغير مواليه الذين أعتقوه، ووضح أن من انتسب إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه، أو انتمى إلى غير مواليه استوجب اللعن من الله تعالى ، وأنه جل وعلا لا يقبل منه فرضًا ولا نفلًا.
التوثيق
- الدرجة: صحيح
- المصدر: رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد
من فوائد الحديث
طهارة لعاب البعير، وأنَّه ليس بنجس. أن حكم بهيمة الأنعام وغيرها من الحيوانات الطاهرة في حال الحياة مثل حكم البعير في طهارة لعابها وما يخرج منها. أن الولد للفراش, فلا ينسب إلا إلى صاحب الفراش، سواء كان زوجاً أو سيداً، أو واطئ شبهة، وليس للزاني في نسبةٍ حظٌّ, إنما الذي له استحقاق الحد. منع الوصية للوارث, وتبطل من أجل حقوق سائر الورثة, فإن أجازوها جازت كما إذا أجازوا الزيادة على الثلث. تحريم الانتساب إلى غير الأب أو المولى، وأن ذلك يوجب اللعن ورد العمل. جواز الخُطْبة والموعظة على الرَّاحلة. استحباب الخطب والمواعظ على الأمكنة العالية؛ لأنَّه أبلغ في الإعلام والإفهام، ويحصل به المقصود. استحباب الخطبة ثاني أيام التشريق بمِنًى من ولي أمر المسلمين أو نائبه؛ ليعلم النَّاس بقيَّة أحكام المناسك ووداع البيت؛ فقد كانت هذه الخطبة منه -صلى الله عليه وسلم- في ذلك اليوم كما ورد في الروايات الأخرى للحديث. جواز جعل الخطيب من يساعده في مهمته تحته في إبلاغ خطبته، وتوجيه النَّاس أو تسكيتهم أو ترتيبهم، ولا يعتبر هذا من التعالي والكبرياء. حرص الصحابة على القرب من النبي -صلى الله عليه وسلم- والأخذ عنه.