إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه، ثم لينزعه؛ فإن في أحد جناحيه داء، وفي الآخر شفاء
معاني المفردات
الذباب : اسم يطلق على كثير من الحشرات المجنحة، ومنها الذبابة المنزلية ذات الأجنحة الشفافة صاحبة الأرجل المغطاة بالشعر، وهو مفرد، وجمعه أذِبَّة وذِبَّان . الشراب : ما شرب من أي نوع من السوائل، جمعه أشربة. فليغمسه : في الشراب، ثم لينزعه منه، يقال: انغمس في الماء: إذا غاب كله فيه. ثم لينزعه : أي ليجذبه ويقلعه من إناء الشراب. جناحيه : الجناح: هو ما يطير به الطائر ونحوه، وهما جناحان، جمعه أجنحة وأجنُح. الداء : هو المرض ظاهراً أو باطناً، والمراد هنا: وجود سبب الداء في أحد جناحي الذبابة. شفاء : البرء من المرض، والمراد هنا: وجود سبب الشفاء في أحد جناحي الذباب.
شرح الحديث
يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الذباب إذا وقع في الشراب فإنه لا يؤثر فيه، بل عليه أن يغمسه كاملا فيه ؛ وذلك لأن في أحد جناحيه مرضًا -وهو الجناح الذي يغمسه في الماء- وفي الآخر شفاء من ذلك المرض. وقد أثبت الطب الحديث صحة هذه المعلومة التي عرفها المسلمون منذ قرون، فالحمد لله على نعمة الإسلام.
التوثيق
- الدرجة: صحيح، وزيادة أبي داود صحيحة
- المصدر: رواه البخاري، والرواية الأخرى لأبي داود وأحمد
من فوائد الحديث
الحديث دليل على طهارة الذباب، وأنه لا ينجس ما وقع فيه من طعام أو شراب أو ماء ولا يفسده؛ لأن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أمر بغمسه ولم يأمر بإراقة ما وقع فيه. في الحديث الأمر بغمس الذباب كله فيما وقع فيه من طعام أو شراب ثم نزعه، والانتفاع بما وقع فيه. يقاس على الذباب كل ما أشبهه مما لا دم له يسيل، وليس متولداً من النجاسات. هذا الحديث يدل على سبق الإسلام للعلم الحديث في بيان ضرر الذباب، وأنه يحمل الأمراض والجراثيم، كما يدل على طريقة التخلص من ضرر الذباب إذا وقع في الطعام والشراب، وهذه الطريقة جاء في الاكتشافات ما يوافقها ويؤيدها، وذلك بإثبات أن الذباب يحمل المكروبات، ويحمل معها مكروبات قاتلة لهذه المكروبات، تسمى (بكتريوفاج) يعني: اكل البكتيريا، تظهر بكثرة على جناح الذبابة مع قليل من البكتيريا، وعند غمس الذبابة فإننا نساعد على ترك أكبر كمية من المادة القاتلة لمكروب المرض، وأثبت الاكتشاف العلمي أن الذباب إذا وقع في الطعام أو في الشراب ثم طار فإن الجراثيم التي يخلفها بعده تتزايد وتتكاثر، فإذا غُمس فإن الجراثيم التي يخلفها بعده في الطعام السائل أو الشراب لا تبقى كما خلفها فحسب، بل تبدأ بالانحسار والتناقص، فالحمد لله على كمال هذه الشريعة وسموِّ تعاليمها، والله أعلم في الحديث دليل على اتخاذ أسباب الوقاية. في الحديث جواز قتل المؤذيات من الحشرات وغيرها. الأمر في الحديث للإرشاد وبيان كيفية التخلص من ضرر الذباب، وليس للوجوب، فالذي لا تقبل نفسه ذلك بإمكانه تركه لغيره أو سكبه.