شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نفارقه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة له بيضاء
معاني المفردات
يوم حنين : حنين واد بين الطائف ومكة المكرمة، وفيه وقعت غزوة حنين في شوال 8 هـ. يركض بغلته : يضربها برجله الشريفة لتسرع. قِبَل : جهة. أَكُفُّها : أمنعها. أصحاب السمرة : أصحاب بيعة الرضوان وكانت عند شجر من شجر السمر. رجل صيت : قوي الصوت عاليه. عطفتهم : إقبالهم ورجوعهم. عطفة البقر : تشبيه سرعة رجوعهم واجتماعهم على النبي بإقبال البقر على أولادها. يا معشر : المعشر الجماعة من الرجال. والدعوة في الأنصار : الاستعانة والمناداة لهم. المتطاول : الذي يتمدد قائمًا لينظر إلى الحرب، أو يمد عنقه ليراه أو يطلع إليه. الوطيس : التنور، ومعناه: اشتدت الحرب. حدهم : بأسهم. كليلًا : ضعيفًا.
شرح الحديث
عن أبي الفضل العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة حنين، فلما التقى المسلمون والكفار ووقع القتال الشديد فيما بينهم ولى بعض المسلمين من المشركين مدبرين، فشرع رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرك بغلته برجله جهة الكفار، وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أمنعها لئلا تسرع إلى جانب العدو، وأبو سفيان ماسك بركاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عباس، ناد أصحاب السمرة وهي الشجرة التي بايعوا تحتها يوم الحديبية، في السنة السادسة، -وكان العباس رجلا قوي الصوت- فناديت بأعلى صوتي: يا أصحاب السمرة؟ -أي: لا تنسوا بيعتكم الواقعة تحت الشجرة وما يترتب عليها من الثمرة- فقال: والله حينما سمعوا صوتي أنادي عليهم أتوا مسرعين كما تُسرع قطيع البقر إذا غابت عنها أولادها، فقالوا بأجمعهم أو واحد بعد واحد: يا لبيك يا لبيك، فاقتتل المسلمون والكفار، والنداء في حق الأنصار: يا معشر الأنصار يا معشر الأنصار. ثم اقتصرت الدعوة وانحصرت على بني الحارث بن الخزرج فنودي: يا بني الحارث، وهم قبيلة كبيرة، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته، وكأن عنقه اشرأبت مرتفعة إلى قتال هؤلاء الكافرين، فقال: هذا الزمان زمان اشتداد الحرب، ثم أخذ حصيات فرمى بهن وجوه الكفار، ثم قال صلى الله عليه وسلم تفاؤلًا أو إخبارًا: انهزَموا ورب محمد. فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى، فوالله ما هو إلا أن رماهم بحصياته، فما زلت أرى بأسهم ضعيفًا، وحالهم ذليلًا.
التوثيق
- الدرجة: صحيح
- المصدر: رواه مسلم
من فوائد الحديث
الدلالة على شجاعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإقدامه في الحروب. بيان سرعة رجوع المسلمين إلى الحق عند تذكيرهم به. المسلمون لم ينهزموا بعيدا؛ لأن رجوعهم كان سريعا. معجزة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إذ ليس في القوة البشرية إيصال حصيات إلى أعينهم جميعًا ولا يسع كفه الشريف حصى بعددهم. القوة الحقيقية ليست في العدد والعُدد، وإنما في الإيمان بالله -تعالى- وشدة التوكل عليه. بيان فضل ومكانة الأنصار -رضي الله عنهم-.