المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون
معاني المفردات
لَابَتَي: اللابة: الحرة، وهي: الأرض ذات الحجارة السود الكثيرة، والمدينة تقع بين حرتين عظيمتين. عِضاها: العضاة: كل شجر فيه شوك. رغبة عنها: كراهة لها أو رغبة عن ثواب سُكناها. لأوائها: شدتها وضيق المعيشة فيها. جهدها: مشقتها.
شرح الحديث
حرَّم النبي صلى الله عليه وسلم قطع شجر البادية الذي ينبت لا بصنع آدمي بين حرتيّ المدينة الشرقية والغربية، والحرة أرض عليها حجارة سوداء، كما حرّم قتل صيدها، وقال في أناس يتركون المدينة إلى بعض بلاد الرخاء: المدينة خير لأولئك التاركين لها من تلك البلاد التي يتركون المدينة لأجلها، لو كانوا يعلمون ما فيها من الخير لما فارقوها، ولما اختاروا غيرها عليها، وما تحولوا للتوسعة في الدنيا، فلا دليل في الحديث على تفضيل المدينة على مكة، وأخبر عليه الصلاة والسلام أنه لا يترك المدينة أحد ممن استوطنها كراهة لها، إلا أبدل الله في المدينة من هو خير من الذي تركها، بمولود يولد فيها، أو بمنتقل ينتقل إليها من غيرها، ولا يصبر أحد على شدة الجوع الذي فيها وعلى مشقتها وضيق العيش فيها إلا كان النبي صلى الله عليه وسلم شفيعًا له، أو شهيدًا يوم القيامة. ودل اختصاص أهل المدينة بهذه الشفاعة مع ما جاء من عمومها وادخارها لجميع الأمة على أن هذه شفاعة أخرى غير العامة التي هي لإخراج أمته من النار، ومعافاة بعضهم منها بشفاعته صلى الله عليه وسلم في القيامة، وتكون هذه الشفاعة بزيادة الدرجات ورفعها، أو تخفيف السيئات، أو بإكرامهم يوم القيامة بأنواع من الكرامة، أو بما شاء الله تعالى، وفيه إشارة إلى أنه ينبغي للمؤمن أن يكون صابرًا شاكرًا على إقامته في المدينة، ولا ينظر إلى ما في البلدان الأخرى، من النعم الصورية؛ لأن العبرة بالنعم الحقيقية الأخروية.
التوثيق
- الدرجة: صحيح
- المصدر: متفق عليه
من فوائد الحديث
بيان أن المدينة حرم ما بين لابتيها، فلا يجوز قطع عضاهها، ولا قتل صيدها. بيان ما أكرم الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم حيث جعل وطنه حرما آمنا، كمكة المشرفة. من خرج من المدينة رغبة عنها وكراهية لها فإن الله سبحانه وتعالى يبدل فيها خيرًا منه. بيان فضل من صبر على شدة المدينة ومشقتها، وذلك أنه سبحانه وتعالى يكون شفيعًا له فيما قصر فيه، وشهيدًا له فيما عمل من الخير.