كانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة، وكانوا يسمون الحُمْس
معاني المفردات
دان دينها: أخذ مأخذها. الحمس: جمع الأحمس؛ وهم قريش، ومن ولدت قريش، وجديلة قيس، وغيرهم كخزاعة وبني عامر، سُموا حُمسًا لأنهم تحمسوا في دينهم؛ أي: تشددوا. سائر العرب: بقية العرب غير الحمس. يفيض: يدفع من عرفات إلى مزدلفة.
شرح الحديث
غيَّر الإسلامُ كثيرًا من عادات الجاهلية وبيّن خطأها، كما غير عاداتهم أثناء الحج والعمرة، فكانت قريش ومن اعتقد اعتقادها وأخذ مأخذها من قبائل العرب، كخزاعة وبني عامر وغيرهم، يقفون بالمزدلفة لا يتجاوزونها، بل يفيضون منها إلى منى، وذلك لأن الشيطان استهواهم، فقال لهم: إنكم إنْ عظَّمتم غير حرمكم استخف الناس بحرمكم، فكانوا لا يخرجون من الحرم، وهذا من جملة ما غيروه من دين إبراهيم عليه السلام. وكانوا يلقبون بالحُمْس وسموا بذلك لما شددوا على أنفسهم، وكانوا إذا أهلوا بحج أو عمرة لا يأكلون لحمًا، وإذا قدموا مكة وضعوا ثيابهم التي كانت عليهم. وكان بقية العرب غير الحمس، ومن دان دينها يقفون بعرفة على العادة القديمة، والطريقة المستقيمة الموروثة عن إبراهيم عليه السلام، فلما جاء الإسلام أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأتي عرفات، فيقف بها اتباعًا لدين إبراهيم عليه السلام، ثم يدفع من عرفات إلى المزدلفة، فذلك قوله: {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس} أي ادفعوا أنفسكم، أو مطاياكم يا معشر قريش، والمراد: من كان لا يقف بعرفة من قريش وغيرهم.
التوثيق
- الدرجة: صحيح
- المصدر: متفق عليه
من فوائد الحديث
وجوب الوقوف بعرفة، وأن الحج لا يتم إلا به. بيان تفسير هذه الآية الكريمة، وذلك أن قريشًا امتنعت من الوقوف بعرفة؛ لكونه خارج الحرم، فأمروا به، فالمراد بالإفاضة الإفاضة من عرفة، وإن كان ظاهر سياق الآية أنها الإفاضة من مزدلفة؛ لأنها ذكرت بلفظة "ثم" بعد ذكر الأمر بالذكر عند المشعر الحرام. الوقوف بها كان من شريعة إبراهيم عليه السلام، فكانت العرب متمسكة به، إلا ما كان من قريش، فهدى الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم إليه.