من ولاه الله عز وجل شيئًا من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم، احتجب الله عنه دون حاجته وخلته وفقره

عن أبي مريم الأزْدي، قال: دخلتُ على معاوية فقال: ما أنْعَمَنا بك أبا فلان -وهي كلمة تقولها العرب- فقلتُ: حديثًا سمعتُه أُخبرُك به، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ ولَّاهُ الله عز وجل شيئًا مِنْ أَمْر المسلمين فاحْتَجَبَ دُونَ حاجَتِهم وخَلَّتِهِم وفقرهم، احْتَجَبَ الله عنه دون حاجَتِه وخَلَّتِهِ وفقره» قال: فَجَعَل رجلًا على حَوائِج الناس.
معاني المفردات

ما أنعمنا بك : يريد ما جاءنا بك أو ما أعملك إلينا؛ وإنما يقال ذلك لمن يعتد بزيارته, ويفرح بلقائه, كأنه يقول: ما الذي أفرحنا وسرنا وأقر أعيننا بلقائك ورؤيتك؟ ولاه : يُقال: ولاه الأمر تولية: جعله والياً عليه، وملَّكه أمره. احتجب : يُقال: حَجَبَهُ يَحْجُبُهُ حَجْباً: ستره ومنعه، واحتجب: استتر. حاجة : يُقال: حَاجَ الرَّجل يحوج: إذا احتاج، والحاجة جمعها حوائج، وهي: ما يفتقر إليها الإنسان ويطلبها. خلتهم : الخلة والفقر متماثلان في الاحتياج، إلا أن الخَلة أشد.

شرح الحديث

يخبر أبو مريم الأزدي أنه دخل على معاوية رضي الله عنهما يومًا، ففرح معاوية بدخوله عليه ورحب به، فحدثه أبو مريم بحديث سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ، وفيه أن من جعله الله والياً على المسلمين، وملَّكه أمرهم فاحتجب عنهم، ولم يقم بما أوجبه الله تعالى من حقهم، وأغلق دونهم بابه فلم يصلوا إليه، فإنَّ الله تعالى يحتجب عن حاجته يوم القيامة، جزاءً وفاقاً؛ فالجزاء من جنس العمل، وكما تدين تُدان، وإذا احتجب الله دون حاجته منعه فضله وعطاءه ورحمته. ولما حُدث معاوية رضي الله عنه بهذا الحديث؛ اتخذ رجلاً لحوائج الناس يستقبل الناس وينظر ما حوائجهم، ثم يرفعها إلى معاوية رضي الله عنه عندما كان أميراً للمؤمنين.

التوثيق
  • الدرجة: صحيح
  • المصدر: رواه أبو داود والترمذي وأحمد
من فوائد الحديث

في الحديث وعيد شديد لمن احتجب عن الرعية ولم يقض حوائجهم، سواء كان ملكًا أو وزيرًا أو قاضيًا أو أميرًا أو مديرًا أو من دونهم ممن له ولاية على شيء من أمور المسلمين. من احتجب دون حاجة الناس وخلتهم, فأقفل دونهم بابه، أو جعل له حُجَّاباً قساةً جفاةً، يمنعون أصحاب الحاجات من الوصول إليه، فعل الله به يوم القيامة ما فعل بالمسلمين؛ جزاءً وفاقاً. أنه يجب على من ولي من أمر المسلمين أن يسهل لصاحب الحاجة الوصول إليه فيقضي حاجته، والفقير فيعطيه من مال الله الذي يسد خلته. أن الجزاء من جنس العمل. مشروعية مناصحة ولاة أمور المسلمين, وما كان عليه سلف الأمة من قيام بهذا الواجب.