قول معاذ بن جبل: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فأمرني أن آخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعا أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة، ومن كل حالم دينارًا، أو عدله معافر

عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: «بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فأمرني أن آخذ من كل ثلاثين بقرة تَبِيعًا أَوْ تَبِيعَةً، ومن كل أربعين مُسنة، ومن كل حَالِم دينارًا، أو عَدْلَهُ مَعَافِرَ».
معاني المفردات

تَبِيعًا : هو الذي أتمَّ الحول الأول ودخل في الثاني، والأنثى "تبيعة"، سمي تبيعًا؛ لأنَّه لا يزال يتبع أمه. مُسِنَّة : وهي التي أتمَّت السنة الثانية، ودخلت في الثالثة. حالم : اسم فاعل أي: محتلم، وهو الذي قد بلغ سن الاحتلام، والاحتلام هو إنزال المني، ولو لم ينزله. عِدْلَهُ : قيمته ومقداره من غير النقد. معافر : نسبة إلى معافِر، وهو حي من همدان في اليمن، تُنسب إليهم الثياب المعافرية، والمعافر بُرد -أي ثياب- معروفة عندهم. دينار : الدينار: نقد ذهبي، والدينار الإِسلاميّ: زنته أربعة غرامات وربع من الذهب (4.25 جم).

شرح الحديث

عن معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أرسله أميرًا إلى اليمن وعاملًا على الزكاة وغيرها، أمره أن يأخذ زكاة البقر من كل ثلاثين بقرة تبيعًا أو تبيعةً، وهو ما له سنة، ومن كل أربعين مسنةً يعني أو مُسِنًّا، وهو ما له سنتان. وقدر الجزية بالدينار من الذهب على كل بالغ وظاهر إطلاقه سواء كان غنيًّا أو فقيرًا، والمراد أنه يؤخذ الدينار منهم في السنة. لكن الجزية يرجع في تقديرها إلى اجتهاد الإمام، فإنَّها تختلف حسب اختلاف المكان والزمان، والغنى والفقر، والدليل على ذلك أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم هو الذي قدرها على أهل اليمن، فقال لمعاذ: "خذ من كل حالم دينارًا"، بينما زادت الجزية في تقدير عمر حينما قدرها على أهل الشام.

التوثيق
  • الدرجة: صحيح
  • المصدر: رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد
من فوائد الحديث

وجوب الزكاة في البقر وهو مُجمع عليه. فيه أن زكاة البقر من ثلاثين تبيعًا، ومن أربعين مسنة وهو إجماع. جواز أخذ الجزية من العرب، فإنَّ قبائل اليمن هم أصل العرب. أنَّ الجزية لا تؤخذ إلاَّ ممن قد بلغ الحلم؛ لأنَّ ضابط الذي لا تؤخذ منه: هو الذي لا يجوز قتله إذا أسر: من صغيرٍ، وامرأة، وغيرهما. بيان قدر الجزية، فمعاذ أخذها من أهل اليمن دينارًا، وبما أنَّ النقود قد لا تتيسر في اليمن، فإنَّه يؤخذ عوض الدينار ثوبًا معافريًا، مشهورًا عندهم، نسبة إلى البلدة التي ينسج فيها. عدم أخذ الجزية من زروعهم، وقد كان لهم زروع، ولا من مواشيهم.