كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يريد غزوة يغزوها إلا ورى بغيرها، حتى كانت غزوة تبوك

عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قَلَّمَا يُريد غَزْوَةً يَغْزُوها إلا وَرَّى بغيرها، حتى كانت غزوة تبوك، فَغَزَاهَا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حَرٍّ شَديدٍ، واستقبل سَفَراً بعيداَ ومَفَازَا، واستقبل غَزْوَ عَدُوٍّ كثير، َفَجَلَّى للمسلمين أَمْرَهم، لِيِتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ عَدُوِّهم، وأخبرهم بِوَجْهِهِ الذي يُريدُ».
معاني المفردات

ورى بغيرها : سترها وأوهم أن المراد غيرها في غزوه العدو؛ لئلا يسبقه الجواسيس ونحوهم بالتحذير. مفازة : مهلكة، سميت بذلك تفاؤلًا بالفوز والسلامة. فجلَّى : فأظهر. ليتأهبوا أهبة عدوّهم : أي ليكونوا على أهبة يلاقون بها عدوّهم ويعتدّوا لذلك. وأخبرهم بوجهه الذي يريد : أي بجهته التي يريدها وهي جهة تبوك.

شرح الحديث

أفاد الحديث أنَّ هديه -عليه السلام- في الغزوات والسرايا، إذا أراد أن يغزو أوهم العدو فيسأل عن جهة وطريق معين ويقصد أخرى ليكون أنكى للعدو، وحتى يمنع الجواسيس من نقل أخبارهم، وإنما يريد أن يصل إليه، بدون استعداد منهم، إلا غزوة تبوك، لم يخفِ أمرها على أصحابه لكونها كانت بعيدة وشاقة، فأخبرهم بها وبين لهم جهته التي يريدها ونصر الله تعالى المسلمين على الكافرين.

التوثيق
  • الدرجة: صحيح
  • المصدر: متفق عليه
من فوائد الحديث

هذا الحديث الشريف يبين جانبًا من جوانب قيادة النبي -صلى الله عليه وسلم- العسكرية، وتدابيره الحربية. إذا أراد غزو بلدة، أو قبيلة في الشمال، أظهر أنَّه يريد وجهة الشرق مثلاً، فصار يسأل جهرة عن تلك الطريق، ومواردها، وطرقها، والقبائل التي في طريقه إليها؛ ليوهم أنَّه يقصد تلك الطريق. الغرض من هذا: أن يفاجأ عدوه على غرة وغفلة، قبل أن يُنذَر، ويعلم عن قصده إليه فيستعد، وإنما يريد أن يصل إليه، بدون استعداد منه. حكمة النبي -صلى الله عليه وسلم- في تدبير الجيوش. جواز التورية.