هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال: لقد لقيت من قومك، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة

عن عائشة - رضي الله عنها- أنها قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم - : هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أُحُدٍ ؟ قال: «لقد لقيت من قومك، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فرفعت رأسي، وإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل - عليه السلام - فناداني، فقال: إن الله تعالى قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. فناداني ملك الجبال، فسلم علي، ثم قال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربي إليك لتأمرني بأمرك، فما شئت، إن شئت أطبقت عليهم الْأَخْشَبَيْنِ».
معاني المفردات

هل أتى عليك يوم؟ : أي مرَّ بك زمان؟. يوم أحد : يوم غزوة أحد. أحد : هو الجبل الذي كانت عنده غزوة أحد التي وقعت سنة 3ه. من قومك : أي كفار قريش. العقبة : مكان جهة الطائف، وكان ذلك يوم هاجر إلى الطائف. عرضت نفسي : قدمت له نفسي طالباً منه النصر والإعانة على إقامة الدين. ابن عبد ياليل : من أكبر أهل الطائف من ثقيف. فلم يجبني إلى ما أردت : أي من الايواء والاعانة على تبليغ الرسالة إلى العباد. مهموم : محزون. على وجهي : أي الجهة المواجهة لي. لم أستفق : لم أفطن لنفسي. القرن : كل جبل صغير منقطع عنه جبل كبير. قرن الثعالب : مكان بينه وبين أهل مكة يوم وليلة، وهو ميقات أهل نجد. قد أظلتني : أي كستني الظل عن الشمس. ملك الجبال : الموكل بها. أطبقت : جمعت، أي : هدمت هذين الجبلين عليهم. الأخشب : هو الجبل الغليظ. الأخشبان : الجبلان المحيطان بمكة. من أصلابهم : من ذريتهم.

شرح الحديث

قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لما سألته: هل مر عليك يوم أشد من يوم أحد؟ قال: نعم، وذكر لها قصة ذهابه إلى الطائف؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما دعا قريشاً في مكة، ولم يستجيبوا له خرج إلى الطائف؛ ليبلغ كلام الله -عزّ وجلّ-، ودعا أهل الطائف لكن كانوا أسفه من أهل مكة، بل جعلوا يرمونه بالحجارة، يرمونه بالحصى حتى أدموا عَقِبه صلى الله عليه وسلم وعرض نفسه على ابن عبد ياليل بن عبد كلال من كبار أهل الطائف من ثقيف، فلم يجبه إلى ما أراد فخرج مغموماً مهموماً، ولم يفق صلى الله عليه وسلم إلا وهو في مكان يدعى قرن الثعالب، فأظلّته غمامة فرفع رأسه، فإذا في هذه الغمامة جبريل -عليه السلام-، وقال له: هذا ملك الجبال يقرؤك السلام فسلم عليه وقال: إن ربي أرسلني إليك، فإن شئت أن أطبق عليهم -يعني الجبلين- فعلت. ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لحلمه وبُعد نظره وتأنيه في الأمر قال: لا؛ لأنه لو أطبق عليهم الجبلين هلكوا، فقال: ((لا، وإني لأرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً)) . وهذا الذي حدث؛ فإن الله تعالى قد أخرج من أصلاب هؤلاء المشركين الذين آذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الأذية العظيمة أخرج من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئاً.

التوثيق
  • الدرجة: صحيح
  • المصدر: متفق عليه
من فوائد الحديث

من صفات النبي -صلى الله عليه وسلم- العفو والصفح. أن البلاء الذي يتعرض له الدعاة متفاوت. الدعاة لا يكرهون الناس على الإيمان بدعوتهم. مؤازرة الله لنبيه -صلى الله عليه وسلم-. إثبات صفتي السمع والبصر لله -تبارك وتعالى-. هدف الدعاة وغايتهم إخراج الناس من الظلمات إلى النور. ينبغي للإنسان أن يصبر على الأذى لا سيما إذا أوذي في الله فإنه يصبر ويحتسب وينتظر الفرج.