اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت فتنة في قوم فتوفني غير مفتون، وأسألك حبك وحب من يحبك، وحب عمل يقرب إلى حبك
معاني المفردات
الغداة : الفجر. ثوَّب بالصلاة : أقام الصلاة. تجوَّز : خفَّف. مصافِّكم : موضعكم في الصفوف. انفتل : انصرف. نعست : نمت. لبَّيْك : أنا مقيم على طاعتك. يختصم : الاختصام هو ما يجري بينهم من السؤال والجواب. الملأ الأعلى : الملائكة المقربون. أنامل : أصابع، وهي هنا تثبت على ما يليق بجلال الله -سبحانه- من غير تمثيل ولا تعطيل. تجلَّى : ظهر ربنا -سبحانه-. الكفَّارات : الخصال التي من شأنها أن تُكَفِّر الخطيئة. إسباغ الوضوء : إتمامه وإبلاغه مواضعه الشرعية.
شرح الحديث
يخبر معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأيام تأخر في الخروج إليهم لصلاة الفجر، حتى كادت الشمس أن تطلع، فخرج إليهم مسرعًا، فأمر بإقامة الصلاة، ثم صلى بهم وخفَّف، فلما انتهى من صلاته، أمرهم أن يظلوا في مواضعهم من الصفوف، ثم أخبرهم عن سبب تأخره عن صلاة الفجر، أنه قام بالليل فتوضأ، ثم صلى ما شاء الله من الركعات، فنام في صلاته، فرأى ربه تعالى في المنام في أحسن صورة، فسأله: في أي شيء يتحدَّث الملائكة المقربون؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا أدري. حدَث هذا السؤال وهذا الجواب ثلاث مرات، فوضع الرب سبحانه وتعالى كفه بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم، حتى أحسَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ببرد أصابعه تعالى في صدره. ووَصْفُ النبي صلى الله عليه وسلم لربه عز وجل بما وصفه به حق وصدق، يجب الإيمان والتصديق به كما وصف الله عز وجل به نفسه مع نفي التمثيل عنه، ومن أشكل عليه فهمُ شيء من ذلك واشتبه عليه فليقل كما مدح الله تعالى به الراسخين في العلم وأخبر عنهم أنهم يقولون عند المتشابه: {آمنّا به كُلٌّ من عند ربِّنا} ولا يتكلَّف ما لا علم له؛ فإنه يُخشى عليه من ذلك الهلكة، فكلما سمع المؤمنون شيئاً من هذا الكلام قالوا: هذا ما أخبرنا الله ورسوله وصدقَ الله ورسولُه وما زادَهُم إلاّ إيمانًا وتسليمًا. ولما وضع الرب سبحانه وتعالى كفه بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم انكشف له كل شيء وعرف الجواب فقال: يتحدثون ويتناقشون ويختصمون في الخصال التي من شأنها أن تُكَفِّر الخطيئة، واختصامهم عبارة عن تبادرهم إلى إثبات تلك الأعمال والصعود بها إلى السماء، أو تحدثهم في فضلها وشرفها، وهذه الخصال هي: المشي إلى صلاة الجماعة، والجلوس في المسجد بعد انتهاء الصلوات للذكر والقراءة وسماع العلم وتعليمه، وإتمام الوضوء وإبلاغه مواضعه الشرعية في الحالات التي تكره النفس فيها الوضوء كالبرد الشديد. ثم قال له الرب: ثم في أي شيء يختصم الملائكة المقربون؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إطعام الناس الطعام، والكلام مع الناس بالكلام الطيب اللين، وصلاة قيام الليل والناس نائمون. فقال له الرب سبحانه: اسألني ما شئت. فسأله النبي صلى الله عليه وسلم أن يوفِّقه لفعل كل خير وترك كل شر، وأن يحببه في المساكين والفقراء، وأن يغفر له ويرحمه، وإذا أراد الله أن يفتن قومًا ويضلهم عن الحق، أن يتوفاه غير مفتون ولا ضال، وأن يرزقه حبَّه وحبَّ من يحب الله، وحب كل عمل يقربه إلى الله. ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن هذه الرؤيا حق، وأمرهم أن يدرسوها ويتعلموا معانيها وأحكامها.
التوثيق
- الدرجة: صحيح
- المصدر: رواه الترمذي وأحمد
من فوائد الحديث
لم يكن من عادته صلى الله عليه وسلم تأخير صلاة الصبح إلى قريب طلوع الشمس. من أخَّر الصلاة إلى آخر الوقت لعذر أو غيره وخاف خروج الوقت في الصلاة إن طوَّلها، فعليه أن يخففها حتى يدركها كلها في الوقت. من رأى رؤيا تسره فإنه يقصها على أصحابه وإخوانه المحبين له. من استثقل نومه في تهجده بالليل حتى رأى رؤيا تسره فإن في ذلك بشرى له. فيه دلالة على شرف النبي صلى الله عليه وسلم وتفضيله بتعليمه ما في السموات والأرض. جواز رؤية الله في المنام وهي رؤية قلبية وليست بصرية وتكون بحسب حال الشخص من الصلاح والتقوى. إثبات الصورة لله تعالى. رؤيا الأنبياء وحي من الله تعالى. إثبات صفة الكف وصفة الكلام لله -عز وجل- على ما يليق بجلاله -سبحانه-