الولد للفراش، وللعاهر الحجر
معاني المفردات
في غلام : اسمه عبد الرحمن. وليدته : جاريته. هو لك : أخوك؛ إذ لو قضى بأنه عبد لم يلزم سودة أن تحتجب عنه. الولد للفراش : الولد منسوب لصاحب الفراش الذي يولد عليه، والمراد أن نسبه يكون له، وصاحب الفراش إما الزوج أو سيد المملوكة. وللعاهر الحجر : للزاني الخيبة مما ادعاه وطلبه، وتفسير هذه الكلمة بالرجم يرده أنه ليس كل عاهر يستحق الرجم، وإنما يستحقه المحصن. فاحتجبي منه : أمر بالحجاب، على سبيل الاحتياط.
شرح الحديث
كانوا في الجاهلية يضربون على الإماء ضرائب يكتسبنها من فجورهن، ويلحقون الولد بالزاني إذا ادعاه، فزنا عتبة بن أبي وقاص بأمة لزمعة بن الأسود، فجاءت بغلام، فأوصى عتبة إلى أخيه سعد بأن يلحق هذا الغلام بنسبه، فلمَّا جاء فتح مكة، ورأى سعد الغلام، عرفه بشبهه بأخيه، فأراد استلحاقه، أي أن يلحقه بأخيه، فاختصم عليه هو وعبد بن زمعة، فأدلى سعد بحجته وهي: أن أخاه أقر بأنه ابنه، وبما بينهما من شبَه، فقال عبد بن زمعة: هو أخي، ولد من وليدة أبي، يعني: أبوه سيد الأمة التي ولدته، فهو صاحب الفراش، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى الغلام، فرأى فيه شبها بَيِّنًا بعتبة، وقضى به لزمعه وقال: الولد للفراش، وللعاهر الزاني الخيبة والخسار، فهو بعيد عن الولد؛ لأن الأصل أنَّه تابع لمالك الأمة الذي يستحقه، وطأها بطريقة صحيحة، ولكن لما رأى شبه الغلام بعتبة، تورع صلى الله عليه وسلم أن يستبيح النظر إلى أخته سودة بنت زمعة بهذا النسب، فأمرها بالاحتجاب منه؛ احتياطا وتورُعاً، فالشبه والقرائن لا يلتفت لها مع وجود الفراش.
التوثيق
- الدرجة: صحيح
- المصدر: متفق عليه
من فوائد الحديث
أن الاستلحاق لا يختص بالأب، بل يجوز من الأخ وغيره من الأقارب. أن حكم الشبه إنما يعتمد عليه، إذا لم يكن هناك ما هو أقوى منه كالفراش. أن الزوجة تكون فراشاً بمجرد عقد النكاح وإمكان الوطء (حصول الخلوة بعد العقد)، وأن الأمة فراش، لكن لا تعتبر إلا بوطء السيد، فلا يكفى مجرد الملك.والفرق بينهما، أن عقد النكاح مقصود للوطء، وأما تملك الأمة، فلمقاصد كثيرة. أن الولد للفراش، بشرط إمكان الإلحاق بصاحب الفراش، والحديث أصل في إلحاق الولد بصاحب الفراش وإن طرأ عليه وطء محرم. أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- زوجته سودة بالاحتجاب من الغلام على سبيل الاحتياط والورع؛ لما رأى الشبه قويا بينه وبين عتبة بن أبي وقاص.