أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: اللهم إني أعوذ بك مِنَ البَرَصِ، والجُنُونِ، والجُذَامِ، وَسَيِّيءِ الأسْقَامِ
معاني المفردات
البرص : بياض يظهر في ظاهر الجسد لعلة. الجذام : علة تتآكل منها الاعضاء وتسقط. الأسقام : جمع سُقم: الأمراض. الجنون : زوال العقل. سيء الأسقام : قبيح الأمراض كالفالج والعمى.
شرح الحديث
في الحديث كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ من أمراض معينة، وهذا يدل على خطرها، وعظيم أثرها، ثم سأل السلامة والعافية من قبيح الأمراض عموما، فقد تضمن هذا الدعاء: التخصيص والإجمال، فقال:" اللهم إني أعوذ بك من البرص"، وهو بياض يظهر في الجسم، يُوَلِّدُ نُفرة الخلق عن الإنسان، فيورث الإنسان العزلة التي قد تودي به إلى التسخط والعياذ بالله. "والجنون": وهو ذهاب العقل، فالعقل هو مناط التكليف وبه يعبد الإنسان ربه، وبه يتدبر ويتفكر في خلائق الله تعالى ، وفي كلامه العظيم، فذهاب العقل ذهاب بالإنسان. و"الجذام": وهو مرض تتآكل منه الأعضاء حتى تتساقط -والعياذ بالله– . "وسيء الأسقام": أي قبيح الأمراض: وهي العاهات التي يصير المرء بها مُهاناً بين الناس، تنفرُ عنه الطباع، كالشلل والعمى والسرطان، ونحو ذلك؛ لأنها أمراض شديدة تحتاج إلى كلفة مالية، وصبر قوي لا يتحمله إلا من صبره الله تعالى وربط على قلبه. وهنا تظهر عظمة هذا الدين الذي يحافظ ويرعى بدن المسلم ودينه.
التوثيق
- الدرجة: صحيح
- المصدر: رواه أبو داود والنسائي وأحمد
من فوائد الحديث
الاستعاذة من الأمراض القبيحة المهلكة، التي قد تذهب بصبر الإنسان، فلا تبقي له شيئا من الأجر. استعاذة الرسول -صلى الله عليه وسلم- من سيء الأسقام خشية ضعف الطاقة عن الصبر والوقوع في الضجر فيفوت الأجر. هذه الأمراض المنصوص عليها في الحديث مفسدة للخِلْقَةِ والخُلُقِ، وتؤدي إلى نفور الخلق من صاحبها. لم يستعذ النبي -صلى الله عليه وسلم- من جميع الأمراض؛ لأن الأمراض مطهرة للآثام مع الصبر عليها، ولا يخلو منها العباد، بل أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل. قد يستدل بالحديث على مشروعية الحجر الصحي؛ لما أودعه الله في الجذام من سرعة العدوى، إضافة إلى سرعة فتكه بالمصابين به، زيادة على كونه محل نُفُور الطباع السليمة. تعوُّذ النبي -صلى الله عليه وسلم- من سيئ الأمراض، يدخل فيه ما يعرف بالأمراض المستعصية الآن كالسرطان، فتكون مثل هذه الأحاديث محل الحرص؛ لأثرها في الصحة الوقائية.