لا تَسَبُّوا الرِّيح، فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللهم إنا نَسْأَلُكَ مِن خير هذه الريح، وخير ما فيها، وخير ما أُمِرَتْ به، ونعوذ بك من شر هذه الريح، وشر ما فيها، وشر ما أُمِرَتْ به
معاني المفردات
لا تسبوا الريح : لا تَشْتُموها ولا تَلْعَنُوها إذا لَحِقَكُم ضَرَرٌ بسببها. فإذا رأيتم ما تكرهون : إذا تَأَذَّيْتُم بشيء مِن حرارتها أو بُرُودتها أو قُوَّتها. فقولوا اللهم ... إلخ : هذا رُجُوعٌ إلى خالقها ومُدَبِّرها بسؤاله خيرها، ودفع شرها. من خير هذه الريح : الريح نفسها فيها خير وشر؛ فقد تكون عاصفة تَقْلَع الأشجار، وتهدم الديار، وتُفِيض البحار والأنهار، وقد تكون هادئة تُبَرِّد الجَوَّ، وتُكْسِبُ النشاط. وخير ما فيها : ما تحمله؛ لأنها قد تحمل خيرًا، كتلقيح الثمار، وقد تحمل رائحة طيبة الشَّمِّ، وقد تحمل شرا، كإزالة لِقاح الثمار، وأمراض تضر الإنسان والبهائم. وخير ما أمرت به : مثل إثارة السَّحاب، وسَوْقِه إلى حيث شاء الله. ونعوذ بك : نعتصم ونلجأ. من شر هذه الريح : شرها بنفسها، كقلع الأشجار، ودفن الزروع، وهدم البيوت. وشر ما فيها : ما تحمله من الأشياء الضارة، كالأنتان، والقاذورات، والأوبئة، وغيرها. وشر ما أمرت به : كالإهلاك والتدمير، وتيبيس الأرض من الأمطار، وغير ذلك فقد تؤمر بشر لحكمة بالغة قد نعجز عن إدراكها.
شرح الحديث
ينهى صلى الله عليه وسلم عن سب الريح؛ لأنها مخلوقة مأمورة من الله، فسَبُّها سبٌّ لله، وتَسَخُّطٌ لقضائه، ثم أرشد صلى الله عليه وسلم إلى الرجوع إلى خالقها بسؤاله من خيرها والاستعاذة به من شرها؛ لما في ذلك من العبودية لله تعالى ، وذلك هو حال أهل التوحيد.
التوثيق
- الدرجة: صحيح
- المصدر: رواه الترمذي
من فوائد الحديث
النهي عن سب الريح؛ لأنها خَلْقٌ مُدَبَّرٌ، فيَرْجِعُ السَّبُّ إلى خالقها ومُدَبِّرِها. الرجوع إلى الله والاستعاذة به من شر ما خلق. أن الريح تكون مأمورة بالخير، وتكون مأمورة بالشر. الإرشاد إلى الكلام النافع إذا رأى الإنسان ما يكره للسلامة من شره. استحباب استعمال الدعاء المذكور في هذا الحديث إذا رأى من الريح ما يكره.