أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود
معاني المفردات
أقيلوا : يقال: أقاله عثرته: صفح عنه وتجاوز، والمراد بالإقالة هنا: التجاوز، وعدم المؤاخذة. ذَوِي الهيئات : جمع "هيئة"، والهيئة: صورة الشيء، وشكله، وحالته، والمراد: ذوو الهيئات الحسنة ممن ليسوا من أهل الشر، وإنما هي زلة، وقعت منهم. عثَراتِهم : جمع: "عثرة"، والمراد بها: الزلة، كما وقع في بعض الروايات. إلا الحدود : إلا ما يوجب الحدود، فإنها لا تقال بل تقام على ذي الهيئة وغيره.
شرح الحديث
في هذا الحديث تخبر عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أرشد ولاة أمور المسلمين ومن يقوم مقامهم من القضاة إلى أن يتسامحوا مع ذوي الهيئات الكريمة والنفوس الطيبة والأخلاق المرضية الذين يندر أن يقع منهم الشرّ، فإما ألا يؤاخذوهم، وإما أن يخففوا عنهم بالنسبة إلى غيرهم، إلا أنه صلى الله عليه وسلم بين أنَّ هذه الإقالة والمسامحة إنما هي في التعزيرات، التي مرجعها إلى اجتهاد الحاكم الشرعي، وليس ذلك في حدود الله تعالى ؛ فإنَّ حدود الله تعالى لا تعطل، وتقام على كل أحد، مهما كانت حاله ومنزلته.
التوثيق
- الدرجة: صحيح
- المصدر: رواه أبو داود وأحمد
من فوائد الحديث
أنَّ هذا الخطاب موجَّه إلى الأئمة، وولاة أمور المسلمين، الذي يتولون أمور الرعية، ويقيمون فيهم الحدود، ويؤدبونهم على تصرفاتهم المنحرفة. أنَّ الشارع الحكيم أمر بالتسامح ولا يؤاخذوا ذوي الهيئات الكريمة، والنفوس الطيبة، والسلوك الحسن، الذي يندر أن يقع منهم الشر، ويقل فيهم الإساءة، ويوصيهم بأنَّ مثل هؤلاء إذا زلوا مرَّة، أو عثروا أن يعفوا عنهم، ويعرفوا لهم سابقتهم، وحسن سيرتهم. أن التعزير ليس بواجب كالحدّ. إنزال الناس منازلهم. أن الحدود لا يمكن أن تقال عن أحد.