إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره
معاني المفردات
الربيع : تصغير ربيع، وهو بضم الراء، وفتح الباء الموحدة، وتشديد الياء، آخره عين مهملة-: بنت النضر الأنصارية الخزرجية، أخت أنس بن النضر، وعمة أنس بن مالك خادم النبي -صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم-. ثنية : واحدة الثنايا، وهن أربع أسنان في مقدم الفم: اثنتان من أعلى، واثنتان من أسفل. جارِيَة : شابة من بنات الأنصار، وليس المراد بها الأمة؛ لعدم القصاص بينهما. الأرْش : بفتح الهمزة، وسكون الراء، آخره شين معجمة-: هو قدر ما بين قيمة المجني عليه صحيحا، وبين قيمته وفيه الجناية، فيقوم كأنه عبد سليم، ثم يُقوم مرة أخرى وفيه الجرح، فما بين القيمتين ينسب إلى دية الحر؛ فيكون أرش الجناية أتكسر : الهمزة للاستفهام، ولم يقصد الإنكار، ولكن أخذه الغضب والحمية، أو أنه يجهل الحكم الشرعي. كتابُ الله القصاصُ : مبتدأ وخبر؛ أي أن كتاب الله يحكم بالقصاص. لأبَرَّهُ : اللام للتأكيد في جواب القسم؛ أي: لا يُحَنِّثُهُ، بل يبر قسمه، ويجيبه إلى ما أقسم عليه، ويعطيه مطلوبه لكرامته عليه، وعلمه أنه من جملة عباد الله الصالحين.
شرح الحديث
أفاد الحديث أنَّ الربيع رضي الله عنها كسرت بعض مقدم أسنان جارية من الأنصار فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقيم عليها القصاص، وهو أن تكسر ثنيتها، فقام أنس بن النضر-وهو أخوها- فسأل مُستفهمًا وليس منكرا لحكم الله، وحلف ألا تكسر ثنيتها رضي الله عنها إحسانًا للظن بالله تعالى ، فذكره النبي -عليه الصلاة والسلام- بأن حكم الله قاضٍ بالقصاص، فلما رأى القوم ذلك رضوا بالدية وعفوا عن القصاص، فحينذاك أخبر -عليه الصلاة والسلام- أن من عباد الله من لو أقسم يمينًا لأتمها الله له، لصلاحه وثقته بالله تعالى .
التوثيق
- الدرجة: صحيح
- المصدر: متفق عليه واللفظ للبخاري
من فوائد الحديث
ثبوت القصاص في السن؛ كما قال -تعالى-: {والسن بالسن} [المائدة: 45]، ولا يكون القصاص إلا في العمد، أما الخطأ وشبه العمد فليس فيهما إلا الدية. يكون القصاص بالسن المماثلة للسن المجني عليها. أن القصاص هو حكم الله -تعالى-، يجب القيام به، ما لم يعف صاحب الحق. أن كل من وجب له القصاص في النفس أو دونها فعفا على مال فرضوا به جاز. أن الخيار في القصاص أو العفو أو الدية إنما هو لمن وقعت عليه الجناية لا لمن وقعت منه. جواز طلب العفو من المجني عليه. أن الحق لولي الصغير. أن المؤمن إذا لَجَّ به الغضب والحمية، فصدر منه ما ظاهره الاعتراض على أمر الله وحكمه، وهو لم يرد به الإنكار والمعارضة، وإنما قصد به طلب الشفاعة ونحو ذلك فلا يؤخذ بذلك؛ فإنما الأعمال بالنيات. في الحديث دليل على كرامات الأولياء، فإنَّ أنس بن النضر حلف ألا تكسر ثنية الربيع فأبر الله قسمه -رضي الله عنه-، وعلى الإنسان أن يخشى ويهاب الله -تعالى-، ولا يغتر بعمله فيرى نفسه مثلهم.