لا يحل دم امرئ مسلم، يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، إلا بإحدى ثلاث

عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا يَحِلّ دمُ امرئ مسلم، يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: رجل زَنَى بَعْدَ إِحْصَان، فإنه يُرْجَم، ورجل خرج مُحاربًا لله ورسوله، فإنه يُقَتُل، أو يُصلَّبُ، أو يُنفى من الأرض، أو يَقتلَ نفسًا، فيُقتلُ بها".
معاني المفردات

يشهد : جملة (يشهد..) صفة ثانية، لـ"امرىءٍ"، جاءت للتوضيح والبيان؛ ليعلم أنَّ المراد بالمسلم هو الآتي بالشهادتين، وأنَّ الإتيان بهما كاف للعصمة. بإحدى ثلاث : بواحد من أمور ثلاث. إِحْصَان : المحصن: هو من وطئ امرأته المسلمة أو الذمية في نكاح صحيح, وهما بالغان عاقلان حران. يُرْجَم : الرجم: هو الرمي بالحجارة حتى الموت. مُحاربًا لله ورسوله : المراد: خرج لقطع الطريق على الناس بأخذ مالهم أو قتلهم. يُصلب : الصلب: هو أن يمد المعاقَب، ويُربط على خشبة، ويرفع عليها. يُنفى من الأرض : بأن يشرد، فلا يُترك يأوي إلى بلد؛ حتى تظهر توبته.

شرح الحديث

الحديث فيه الدلالة على حرمة دماء المسلمين الذين يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ولم يظهر منهم ما يخالف الشهادتين من نواقض الإسلام؛ لأن الشارع الحكيم حرص على حفظ النفوس وأمْنِها، فجعل لها من شرعه حماية ووقاية، ثم إنه جعل أعظم الذنوب -بعد الإشراك بالله- قتل النفس التي حرم الله تعالى قتلها. وحرم -هنا- قتل المسلم الذي أقر بالشهادتين إلا أن يرتكب واحدة من الخصال الثلاث: الأولى: أن يزني وقد مَنّ الله عليه بالإحصان، وأعفّ فرجه بالنكاح الصحيح. والثانية: أن يعمد إلى نفس معصومة، فيقتلها عدوانًا وظلمًا. فالعدل والمساواة لمثل هذا، أن يلقى مثل ما صنع إرجاعًا للحق إلى نصابه وردعًا للنفوس الباغية عن العدوان. والثالثة: الذي خرج على المسلمين محاربًا لله ورسوله، بقطع الطريق عليهم وإخافتهم وسلبهم وإيقاع الفساد فيهم، فهذا يقتل أو يُصلب أو يُنفى من الأرض، ليستريح الناس من شره وبغيه. فهؤلاء الثلاثة يقتلون؛ لأن في قتلهم سلامة الأديان والأبدان والأعراض.

التوثيق
  • الدرجة: صحيح
  • المصدر: رواه أبو داود والنسائي
من فوائد الحديث

حرص الشارع الحكيم الرحيم على بقاء النفوس وأمنها، فجعل لها من شرعه حماية وصيانةً، فجعل أعظم الذنوب بعد الشرك قتل النفس التي حرَّم الله قتلها، وفي ذلك حَفِظَهَا من الاعتداء عليها. لم يبح المشرِّع قتل النفس المسلمة إلاَّ بإحدى هذه الخصال الثلاث. تحريم فعل هذه الخصال الثلاثة أو بعضها، وأنَّ من فعل واحدة منها، استحق عقوبة القتل. أن عقوبة الزاني المحصن الرجم بالحجارة حتى الموت. أنَّ مَن قتل نفسًا معصومةً عمدًا عدوانًا، فهو مستحق للقصاص بشروطه. قوله: "زنى بعد إحصان" مفهومه: أنَّ البكر ليس حده الرجم، فقد جاء أن حده الجلد، كما في الآية الكريمة. أن المحارب لله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- يُنكل بهذا النكال, القتل, والصلب, والنفي من الأرض, وبقي عقوبة رابعة لم تذكر في الحديث ولكنها ذكرت في الآية: {أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ}.