جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن امرأتي لا تمنع يد لامس قال: «غربها» قال: أخاف أن تتبعها نفسي، قال: «فاستمتع بها»
معاني المفردات
لا تمنع يد لامس : الأقرب أن المعنى أنها ليست من اللاتي ينفرن، ويستوحشن من الرجال الأجانب، لا أنها تأتي الفاحشة؛ فهذا بعيد، وإنما المعنى أنها لا تتحفظ من الرجال حديثًا وستراً بحيث يلمسون جسدها أو يصافحونها، ولا تتحرز من ذلك. غَرِّبْهَا : أبعدها بالطلاق، وقيل: المعنى سافر بها عن المكان الذي هي فيه حتى تأمن جانب مخالطتها للرجال. أخاف أن تتبعها نفسي : أخشى أن تشتاق إليها نفسي، فلا أصبر عنها. فاستمتع بها : أي كن معها قدر ما تقضي حاجتك، وما تقضي متعة النفس منها، ومن وطرها.
شرح الحديث
أفاد هذا الحديث أن هذا الصحابي جاء مستشيرًا النبيَّ صلى الله عليه وسلم في أمر زوجته، فأخبره بأنها لا ترد يد لامس، وهذا المعنى اختلف فيه كثيراً، والأقرب أنها كانت غير متحاشية للرجال، وأنها لا تمتنع ممن يمد يده ليتلذذ بلمسها، أو أنها لا تتحفظ من الرجال حديثًا وستراً بحيث يلمسون جسدها أو يصافحونها، ولا تتحرز من ذلك، وليس معناه أنها لا تمتنع من الزنا؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- لا يقره على نكاح زانية، فكأنه صلى الله عليه وسلم أشار عليه أولًا بفراقها نصيحة له، وشفقة عليه في تنزهه من معاشرة من هذه حالها، فأعلمه الرجل بشدة محبته لها وخوفه أن تشتاق نفسه لها بسبب فراقها، فرأى صلى الله عليه وسلم المصلحة له في هذا الحال إمساكها خوفًا من مفسدة عظيمة تترتب على فراقها، ودفع أعظم الضررين بأخفهما متعين ولعله يرجى لها الصلاح بعد، والله تعالى أعلم.
التوثيق
- الدرجة: صحيح
- المصدر: رواه أبو داود والنسائي
من فوائد الحديث
أن الواجب على المرأة هو التصون والتحفظ والبعد عن الرجال الأجانب وعدم الاختلاط بهم وعدم الانبساط معهم؛ قال -تعالى-: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض} [الأحزاب: 32]. أنَّ الواجب على الرجل المحافظة على أهله من زوجة وبنت وأخت وقريبة، وأن يبعدهن عن الرجال وعن مواطن الشبهة. إذا تحقق الرجل من وقوع الفاحشة، أو ترك الواجبات من الطاعات، كالصلوات الخمس، وصوم رمضان، فيجب عليه فراقها، ولا يحل له إمساكه. صراحة الصحابة -رضي الله عنهم- في معرفة الحق. ذكر الإنسان بما يكره يجوز للمصلحة والاستفتاء، وليس من الغيبة. الحديث دليل على قاعدة عظيمة وهي دفع أعظم الضررين بأخفهما.