اقبل الحديقة وطلقها تطليقة

عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس، ما أعْتِبُ عليه في خُلُقٍ ولا دِيْنٍ، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أتردين عليه حديقته؟» قالت: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اقبل الحديقة وطلقها تطليقة».
معاني المفردات

ما أعيب عليه : ما أجد عيبًا فيه، لا في دينه، ولا في خلقه وعشرته. خُلُقٍ : بضم الخاء المعجمة، وضم اللام: صفات حميدة باطنة، ينشأ عنها معاشرة كريمة. أكره الكفر في الإسلام : المراد بالكفر: كفران العشير والتقصير فيما يجب له بسبب شدة البغض له. حديقته : هو البستان يكون عليه حائط، وكان قد أصدقها بستانًا. اقبل الحديقة وطلقها تطليقة : والأمر له أمر إيجاب ما دام أنه تعذرت العشرة بينهما، فيطلقها تطليقة واحدة ولا يزيد وهي طلقة بائنة.

شرح الحديث

أفاد هذا الحديث أن امرأة ثابت بن قيس -رضي الله عنه وعنها- وكان ثابت من خيار الصحابة: جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأخبرته أنها لا تنكر من أمر ثابت رضي الله عنه خُلُقًا ولا دينًا، فهو من أحسن الصحابة خلقًا وديانةً، ولكنها كرهت إن بقيت معه أن يحصل منها كفران العشير بالتقصير في حقه، وكفران العشير مخالف لشرع الله، و كان سبب كراهتها له دَمَامَةُ خِلْقَتِهِ رضي الله عنه كما في بعض الروايات، فلم يكن جميلاً، فعرض -عليه الصلاة والسلام- على ثابت أن ترد عليه امرأته الحديقة التي أعطاها إياها مهرًا، ويطلقها تطليقة تكون بها بائنًا، ففعل رضي الله عنه ، وهذا الحديث أصل في باب الخلع عند الفقهاء -رحمهم الله-.

التوثيق
  • الدرجة: صحيح
  • المصدر: رواه البخاري
من فوائد الحديث

ثبوت الخلع، وأنه فرقة جائزة في الشريعة بأن تفتدي الزوجة بما تدفعه للزوج مقابل الفسخ. أن طلب الزوجة للخلع مباح إذا كرهت الزوج، إما لسوء عشرته معها، أو دمامته، أو نحو ذلك من الأمور المنفرة. قيد بعض العلماء الإباحة للزوجة بالطلب بما إذا لم يكن زوجها يحبها، فإن كان يحبها، فيستحب لها الصبر عليه. أنه ينبغي للزوج إجابة طلبها إلى الخلع إذا طلبته؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "اقبل الحديقة، وطلقها تطليقة". يجب أن يكون الخلع على عوض؛ لقوله تعالى-صلى الله عليه وسلم-: "اقبل الحديقة، وطلقها تطليقة". أنه لابد في الخلع من صيغة قولية؛ لقوله: "وطلقها تطليقة". يستدل بالحديث على أنه يجوز إيقاع الخلع زمن الحيض، لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يستفصل امرأة ثابت أهي على طهر أم حيض، فدل ذلك على الجواز.