لقد هممت أن أنهى عن الغيلة، فنظرت في الروم وفارس، فإذا هم يغيلون أولادهم، فلا يضر أولادهم ذلك شيئًا
معاني المفردات
هَمَمْتُ : همَّ بالأمر همًّا: عزم على القيام به ولم يفعله. الغِيلة : مجامعة الرجل امرأته وهي ترضع، أو وهي حامل. فارس : أمةٌ عظيمةٌ كثيرةٌ وشديدة فيما وراء النَّهر من بلاد العرب. الروم : جيلٌ عظيمٌ من الناس، بلغوا في زمانهم الغاية في الكثرة والقوَّة. العَزْل : هو أن ينزع الرجل ذكره من فرج المرأة، حتى لا يُنزل فيه؛ دفعًا لحصول الحمل. الوأد : بفتح الواو، ثمَّ همزة ساكِنة، يُقال: وأد الرجل ابنته يئدها وأْدًا: دفنها حيَّة فهي موءودة. الموءودة : في الأصل هي البنت التي تُدفن حية تحت التراب، شبَّه عزل الحيوان المنوي حينما يتلف قبل أن ينمو نموًّا بشريًّا بالبنت الموءودة.
شرح الحديث
أفاد الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن ينهى الزوج عن قرب زوجته وجماعها أثناء الرضاع؛ لما اشتهر عند العرب أنه يضرّ بالولد، ثم رجع عن ذلك حين تحقق عنده عدم الضرر في بعض الناس كفارس والروم، ثم سئل عن الزوج الذي يُنزل منيَّه خارج الفرج فشبَّه هذا العمل بعمل أهل الجاهلية الذين كانوا يدفنون بناتهم وهنَّ أحياء، والفرق بين العملين أنّ الأول يُعمل خفية، والثاني علانية.
التوثيق
- الدرجة: صحيح
- المصدر: رواه مسلم
من فوائد الحديث
أنّ النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم- همَّ أن ينهى عن الغيلة، بناءً على خبر أطباء زمنه، وكونه مستكرهًا عند العرب، لكنه لم يفعل لا نتفاء الضرر في فعله عن الطفل بالتجربة والواقع. أنَّ العلوم الطبيعية من طب ونحوه تُدْرَكُ بالتجارب وتُحصَّل بالنتائج. أنَّ أخذ العلوم غير الشرعية من الأمم الكافرة لا يعد ذلك تقليدًا لهم، وركونًا إليهم، وتشبهًا بهم؛ فإنَّ هذا العلم من سنن الله. أنَّ حصول الأشياء من خيرٍ وشرٍّ، منوطةٌ بأسبابها التي رتَّبها الله -تعالى- عليها. تحريم الوأد، وهو عادةٌ جاهلية، ومعناه: دفن بناتهم وهنَّ أحياء. أنّ هذا الدين الإسلامي مداره على منع الضرر، وجلب النفع. جواز السؤال عما يُستحيا منه للتفقه في الدين.