كُنّا نتكلم في الصلاة، يُكَلِّمُ الرجل صاحبه، وهو إلى جنبه في الصلاة، حتى نزلت {وقوموا لله قانتين}؛ فَأُمِرْنَا بالسكوت و نُهِينَا عن الكلام

عن زَيْد بن أَرْقَمَ رضي الله عنه قال: «كُنّا نتكلم في الصلاة، يُكَلِّمُ الرجل صاحبه، وهو إلى جنبه في الصلاة، حتى نزلت ((وقوموا لله قانتين))؛ فَأُمِرْنَا بالسكوت ونُهِينَا عن الكلام».
معاني المفردات

قانتين : للقُنُوت عدة معان، منها: الطاعة، والخشوع، والدعاء وطول القيام والسكوت، وهو المراد هنا، فقد فهم منه الصحابة نهيهم عن الكَلام في الصلاة، وأمرهم بالسكوت. كنا نتكلم : أي خلف النبي صلى الله عليه وسلم. يكَلِّمُ الرجل صاحبه : أي في حاجته. وقوموا لله : أي لأجله. فأُمِرنا : أمرنا الله أو رسوله تنفيذًا للآية. بالسكوت : الكف عن كلام الناس لا كل الكلام؛ لأن الصلاة فيها قراءة وذكر ودعاء. نُهِينا : نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم. الكلام : أي كلام الناس.

شرح الحديث

الصلاة صِلة بين العبد وربه؛ فلا ينبغي أن يتشاغل المصلي بغير مناجاة الله ،فيخبر زيد بن أرقم رضي الله عنه أن المسلمين كانوا في بدء أمرهم يتكلمون في الصلاة بقدر حاجتهم إلى الكلام، فقد كان أحدهم يكلم صاحبه بجانبه في حاجته، وكان على مسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينكر عليهم. ولما كان في الصلاة شغل بمناجاة الله عن الكلام مع المخلوقين، أمرهم الله تبارك وتعالى بالمحافظة على الصلاة وأمرهم بالسكوت ونهاهم عن الكلام، فأنزل الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصّلاةِ الوُسطى وَقُومُوا لله قَانِتِينَ}. فعرف الصحابة منها نهيهم عن الكلام في الصلاة فانتهوا، رضي الله عنهم.

التوثيق
  • الدرجة: صحيح
  • المصدر: متفق عليه
من فوائد الحديث

كان الكلام في الصلاة أول الإسلام مباحًا بقدر الحاجة إليه. الاحتجاج بقول الصحابي في سبب النزول، كما أنه حجة في غيره. تحريم الكلام في الصلاة بعد نزول قوله تعالى: {وَقُومُوا لله قَانِتِينَ}. من العامد، وهو الذي يعلم أنه في صلاة، وأن الكلام فيها محرم. أن الكلام -مع حرمته- مُفْسِد للصلاة؛ لأن النهي يقتضي الفساد. أن القنوت المذكور في هذه الآية، مراد به السكوت، كما فهمه الصحابة، وعملوا بمقتضاه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم. أن المعنى الذي حرم من أجله الكلام، هو طلب الإقبال على الله في هذه العبادة، والتلذُذ بمناجاته فَليُحْرَصْ على هذا المعنى السامي. صراحة النَّسْخ في مثل هذا الحديث الذي جمع بين الناسخ والمنسوخ. الحكمة في التشريع حيث كان الكلام مباحًا ثم حرم.