جَعَلَ اللهُ الرحمةَ مائة جُزْءٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ، وأَنْزَلَ في الأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا، فَمِنْ ذَلِكَ الجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الخَلَائِقُ، حتى تَرْفَعَ الدَّابَّةُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ
معاني المفردات
حافرها : رجلها. البهائم : جمع بهيمة، وهي ذوات الأربع من الحيوانات. الهوام : جمع هامة، وهي الحشرات. الوحش : حيوان البر. طباق : غشاء، والمراد يملأ ذلك ما بين السماء والأرض من كبره وعِظمه.
شرح الحديث
جعل الله -تبارك وتعالى- الرحمة مائة جزء، فأنزل رحمة في الدنيا وأمسك تسعة وتسعين ليوم القيامة، فمن هذه الرحمة الواحدة يتراحم الخلائق جميعهم من الإنس والجن والبهائم والهوام؛ حتى إن الفرس المعروفة بالخفة والتنقل تتجنب أن يصل الضرر إلى ولدها، فترفع حافرها مخافة أن تصيبه، وبها تعطف الوحش على ولدها، وأخر الله -تبارك وتعالى- تسعة وتسعين رحمة ليرحم بها عباده يوم القيامة. الحديث الثاني: إن الله -تبارك وتعالى- يوم خلق السموات والأرض خلق مائة رحمة، كل رحمة تملأ ما بين السماء والأرض، فجعل في الدنيا واحدة، تعطف بها الوالدة على ولدها، ويتعاطف بها الحيوانات والطير بعضها على بعض، ثم في يوم القيامة يكملها الله رب العالمين بالتسعة والتسعين، فإذا كان ما يحصل للإنسان من عظيم نعم الله عز وجل عليه في هذه الدار المبنية على الأكدار بسبب رحمة واحدة، فكيف الظن بمائة رحمة في الدار الآخرة دار القرار والجزاء.
التوثيق
- الدرجة: صحيح
- المصدر: حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: متفق عليه. حديث سلمان -رضي الله عنه-: رواه مسلم
من فوائد الحديث
الرحمة التي جعلها الله في قلوب عباده هي من خلقه، والخير الذي أنزله لهم هو من فضله، وكل هذا جزء مما ادخره الله لعباده المؤمنين يوم القيامة. عظم الرجاء والبشارة للمؤمنين، فإذا كان يحصل لهم برحمة واحدة خلقها لهم في هذه الدنيا كل هذا التعاطف بينهم، وكل هذا الخير لهم، فكيف بمائة رحمة يوم القيامة.