إِنَّ نَاسًا كانوا يُؤْخَذُونَ بالوَحْيِ في عَهْدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وإِنَّ الوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ، وإِنَّمَا نَأْخُذُكُمْ الآنَ بما ظَهَرَ لنا مِنْ أَعْمَالِكُمْ، فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمِنَّاهُ وقَرَّبْنَاهُ، ولَيْسَ لَنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ، اللهُ يُحَاسِبُهُ في سَرِيرَتِهِ، ومَنْ أَظْهَرَ لنا سُوءًا لم نَأْمَنْهُ ولم نُصَدِّقْهُ

عن عبد الله بن عتبة بن مسعود، قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: إن ناسا كانوا يُؤْخَذُونَ بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيرًا أَمَّنَّاهُ وقَرَّبْنَاهُ، وليس لنا من سريرته شيء، الله يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوءًا لم نأمنه ولم نصدقه وإن قال: إن سريرته حسنة.
معاني المفردات

يؤخذون بالوحي : أي: ينزل الوحي فيهم فيكشف عن حقائق حالهم. أمنَّاه : صيرناه عندنا أمينًا. قربناه : أكرمناه بما يستحق. ليس لنا : لا تعلق لنا. سريرته : أي: ما أسره وأخفاه.

شرح الحديث

تحدث عمر بن الخطاب رضي الله عنه عمن أسر سريرة باطلة في وقت الوحي لا يخفى أمره على النبي صلى الله عليه وسلم بما ينزل من الوحي؛ لأن أناسًا في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام كانوا منافقين يظهرون الخير ويبطنون الشر، ولكن الله تعالى كان يفضحهم بما ينزل من الوحي على رسوله صلى الله عليه وسلم، لكن لما انقطع الوحي صار الناس لا يعلمون من المنافق؛ لأن النفاق في القلب، فيقول رضي الله عنه: وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا فمن أظهر لنا خيرًا؛ عاملناه بخيره الذي أبداه لنا وإن أسر سريرة سيئة، ومن أبدى شرًّا؛ عاملناه بشره الذي أبداه لنا، وليس لنا من نيته مسؤولية، النية موكولة إلى رب العالمين عز وجل، الذي يعلم ما توسوس به نفس الإنسان.

التوثيق
  • الدرجة: صحيح
  • المصدر: رواه البخاري
من فوائد الحديث

إجراء الأحكام الإسلامية على ظواهر الناس وما يصدر منهم من أعمال. الحساب يوم الجزاء يكون على ما أخفى العبد من سريرته، فإن كانت حسنة فحسن، وإن كانت شرا فجزاؤه من جنس عمله. لا تُسوِّغ النية الحسنة فعل المعصية، ولا تسقط إقامة الحدود والقصاص إخبار عمر رضي الله عنه عن أحوال الناس في فترة النبوة وما بعدها ينبغي على الراعي العدل بين الرعية، وإنفاذ الأحكام الشرعية على الشريف والوضيع سواء