مُرُوا أبا بكر فَلْيُصَلِّ بالناس
معاني المفردات
اشْتَدَّ : قَوي وعَظُم. قيل له في الصلاة : أي: من يقيمها بالقوم ويؤم بهم فيها. رجل رقيق : أي: رقيق قلبه. مقامك : إماماً بالناس.
شرح الحديث
لما اشتد الوجع برسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتمكن من إمامة الناس أمر من عنده أن يأمر أبا بكر رضي الله عنه بالإمامة، وكان كثير البكاء عند قراءة القرآن، فاعتذرت عائشة رضي الله عنها بذلك لكن في حديث الباب أنه لم يكن بكاؤه من قراءة القرآن مقصودها الأول، بل كان مرادها الأول خشية أن يتشاءم الناس من أبيها، فأظهرت رضي الله عنها خلاف ما تسره في باطنها. ففي رواية في مسلم: "قالت: والله، ما بي إلا كراهية أن يتشاءم الناس، بأول من يقوم في مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم "، قالت: فراجعته مرتين أو ثلاثا، فقال: "ليصل بالناس أبو بكر فإنكن صواحب يوسف" والمراد "بصواحب يوسف" إنهن مثل صواحب يوسف في إظهار خلاف ما في الباطن، وهذا الخطاب وإن كان بلفظ الجمع فالمراد به واحدة هي عائشة فقط كما أن المراد بصواحب يوسف: زليخا فقط كذا قال الحافظ وهي زوجة عزيز مصر آنذاك. ووجه المشابهة بينهما في ذلك أن زليخا استدعت النسوة وأظهرت لهن الإكرام بالضيافة ومرادها زيادة على ذلك وهو أن ينظرن إلى حسن يوسف ويعذرنها في محبته، إن عائشة أظهرت أن سبب إرادتها صرف الإمامة عن أبيها كونه لا يسمع المأمومين القراءة لبكائه ومرادها زيادة وهو أن لا يتشاءم الناس به، كما صرحت بذلك في بعض طرق الحديث فقالت: "وما حملني على مراجعته إلا أنه لم يقع في قلبي أن يحب الناس بعده رجلاً قام مقامه".
التوثيق
- الدرجة: صحيح
- المصدر: متفق عليه
من فوائد الحديث
فضيلة أبي بكر -رضي الله عنه- وما كان عليه من خشية الله -عز وجل-. استحباب رقة القلب والبكاء عند تلاوة القرآن. جواز أن ينيب الإمام رجلاً ليصلي بالناس. فيه إشارة إلى أن أبا بكر ـرضي الله عنه- هو الخليفة من بعده -عليه الصلاة والسلام-. فيه دليل على أن البكاء لا يبطل الصلاة.