يا أبا بَطْنٍ إنما نَغْدُو من أجل السلام، فنُسَلِّمُ على من لَقيْنَاهُ
معاني المفردات
يغدو : الذهاب ما بين صلاة الفجر إلى طلوع الشمس، ثم توسع به فاستعمل في الذهاب في أي وقت. سَقَّاط : هو الذي يبيع سقط المتاع، وهو: ردئيه وحقيره. بيعة : المراد به: البيعة النفيسة. مسكين : أي: ذي حاجة. استتبعني : طلب مني أن أتبعه. لا تسوم : من المساومة، وهي : المجاذبة بين البائع والمشتري على السلعة وفصْل ثمنها. السلع : ما يعرض للبيع.
شرح الحديث
أن الطُفَيل بن أُبي بن كَعْبٍ كان يأتي ابن عمر رضي الله عنهما دائمًا ثم يذهب معه إلى السوق. يقول الطفيل: "فإذا دخلنا السوق: لم يَمُرَّ عبد الله بن عمر على بياع السَقَّاطٍ"، وهو صاحب البضائع الرديئة. "ولا صاحب بَيْعَةٍ" وهي البضائع النفسية غالية الثمن. "ولا مسكين ولا أحد إلا سلَّم عليه" أي: أنه كان يسلم على كل من لقيه صغيرًا أو كبيرًا غنيًّا أو فقيرًا. قال الطفيل: "فجئت عبد الله بن عمر يوماً" أي: لغَرَضٍ من الأغراض فطلب مني أن أتبعه إلى السوق. فقلت له: ما تصنع بالسوق وأنت لا تقِف على البَيع " يعني: لا تبيع ولا تشتري ، بل ولا تسأل عن البضائع ولا تسوم مع الناس ولا تصنع شيئاً من الأغراض التي تُصنع في الأسواق! وإذا لم يكن واحد من أسباب الوصول إليها حاصلاً فما فائدة ذهابك إلى السوق، إذا لم يكن لك به حاجة ؟ فقال له ابن عمر ـرضي الله عنهما-: "يا أبا بطن" وكان الطُفَيل ذا بَطَنٍ أي لم يكن بطنه مساوياً لصدره، بل زائدا عنه، "إنما نَغْدُو من أجل السلام ، فنسلِّم على من لقيناه" أي: أن المراد من الذهاب للسوق لا لقصد الشراء أو الجلوس فيه، بل لقصد تحصيل الحسنات المكتسبة من جَرَّاء إلقاء السلام. وهذا من حرصه رضي الله عنه على تطبيق سنة إظهار السلام بين والناس؛ لعلمه بأنها الغنيمة الباردة، فكَلِمات يسيرات لا تكلف المرء شيئا ، فيها الخير الكثير.
التوثيق
- الدرجة: صحيح
- المصدر: رواه مالك
من فوائد الحديث
جواز ارتياد المجتمعات ولو من غير حاجة، لأداء السلام على أهله إذا غلب على ظنه أنه لا يقع في طريقه معصية، فإذا خاف المعاصي كان جلوسه في بيته أفضل. استحباب السلام على من عَرَفَه أو لم يَعْرِفه ولو كثر ذلك. جواز مداعبة الرفيق بتسميته ببعض ما يتصف به، إذا لم يقصد تحقيره وكان يعلم رضاه. دعوة الأخرين للمشاركة في تطبيق السنن. إجابة المسلم لدعوة أخيه ولو لم يعرف وإن لم يعرف سببها ما لم تكن في معصية. السوق مكان غفلة عن ذكر الله، ولا بد للناس ممن يذكرهم به في وسط تلك الغفلة