أعتم النبي صلى الله عليه وسلم بالعشاء، فخرج عمر، فقال: الصلاة ، يا رسول الله، رقد النساء والصبيان، فخرج ورأسه يقطر يقول: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بهذه الصلاة هذه الساعة

عن عَبْد اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: «أّعْتَمَ النَبِيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- بِالعِشَاء، فَخَرَج عُمَر فقال: الصَّلاةَ يا رسول الله، رَقَد النِسَاءُ والصِّبيَان. فَخَرَجَ ورَأسُهُ يَقطُر يقول: لَولاَ أن أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي -أو على النَّاس- لَأَمَرتُهُم بهذه الصَّلاة هذه السَّاعَة».
معاني المفردات

أَعْتَمَ : دخل في العتمة، وهى ظلمة الليل، المراد أنه أخر صلاة العشاء بعد ذهاب الشفق، فصلاها في ظلمة الليل. فَخَرَجَ عُمَر : أي: من المسجد، أو من مكانه في الصف. رَقَد : نام. الصلاةُّ : بالرفع على تقدير: حضرت الصلاة.وبالنصب على تقدير: صل الصلاة. الصِّبْيَان : صغار الأولاد حتى يبلغوا. ورأسه يقطر. : أي من الماء. لَوْلا أَنْ أشق عَلَى : لولا: حرف امتناع لوجود، أي: أنها تدل على امتناع شيء لوجود شيء آخر، ففي هذه الحديث تدل على امتناع إلزام النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته بتأخير صلاة العشاء إلى ثلث الليل الآخر لوجود المشقة عليهم بذلك. أُمَّتِي : جماعتي، والمراد بهم: من آمن به واتبعه. أَشُقَّ : أتعب وأثقل. لأَمَرْتُهُم : لألزمتهم. هذه الساعة : هذا الوقت، وهو ثلث الليل الآخر.

شرح الحديث

تأخر النبي صلى الله عليه وسلم بصلاة العشاء، حتى ذهب كثير من الليل، ورقد النساء والصبيان، ممن ليس لهم طاقة ولا احتمال على طول الانتظار، فجاء إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال: الصلاة، فقد رقد النساء والصبيان. فخرج صلى الله عليه وسلم من بيته إلى المسجد ورأسه يقطر ماء من الاغتسال وقال مبينًا أن الأفضل في العشاء التأخير، لولا المشقة التي تنال منتظري الصلاة: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بهذه الصلاة في هذه الساعة المتأخرة.

التوثيق
  • الدرجة: صحيح
  • المصدر: متفق عليه
من فوائد الحديث

الأمر للوجوب ومحل ذلك إذا لم يصرفه صارف؛ لإخباره -صلى الله عليه وسلم- أن في المر مشقة، والمستحب لا مشقة فيه لأنه بالخيار. الأفضل في العشاء التأخير، ويمنع من ذلك المشقة. المشقَّة تسبب اليسر والسهولة في هذه الشريعة السمحة. أنَّه قد يكون ارتكاب العمل المفضول أولى من الفاضل، إذا اقترن به أحوال وملابسات. جواز اسستدعاء الإمام إلى الصلاة، وإن كان كبيرًا إذا تأخر. كمال شفقة النبي -صلى الله عليه وسلم- ورحمته بأمته. صراحة عمر رضي الله عنه مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، لمكانته عنده ولثقته بحسن خلق النبي -صلَّى الله عليه وسلم-. دليل على تنبيه الأكابر لاحتمال غفلة أو تحصيل فائدة.