أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في قُبَّةٍ له حمراء من أدم، فخرج بلال بوضوء فمن ناضح ونائل

عن أبي جُحَيْفَةَ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السُّوَائِيِّ رضي الله عنه قال: «أَتَيتُ النَبِيَّ صلى الله عليه وسلم وهو في قُبَّةٍ لَهُ حَمرَاءَ مِن أَدَمٍ، قال: فَخَرَج بِلاَل بِوَضُوءٍ، فمن نَاضِحٍ ونَائِلٍ، قال: فَخَرَجَ النبِيَّ صلى الله عليه وسلم عليه حُلَّةٌ حَمرَاءُ، كَأَنِّي أَنظُرُ إلى بَيَاضِ سَاقَيهِ، قال: فَتَوَضَّأ وأَذَّن بِلاَل، قال: فَجَعَلَتُ أتَتَبَّعُ فَاهُ هَهُنَا وهَهُنَا، يقول يمِينا وشِمالا: حَيَّ على الصَّلاة؛ حيَّ عَلَى الفَلاَح. ثُمَّ رَكَزَت لَهُ عَنَزَةٌ، فَتَقَدَّمَ وصلى الظُهرَ رَكعَتَين، ثُمَّ لَم يَزلَ يُصِلِّي رَكعَتَين حَتَّى رَجَعَ إِلى المَدِينَة».
معاني المفردات

قُبَّة لَهُ حَمرَاءَ مِن أَدَمٍ : الأدم الجلد المدبوغ، والقبة هي الخيمة. بِوَضُوءٍ : يعني الماء. حُلَّةٌ : لا تكون إلا من ثوبين، إزار ورداء أو غيرهما وتكون ثوبا له بطانة. فمن نَاضِحٍ ونَائِلٍ : النضح: الرش، والمراد هنا الأخذ من الماء الذي توضأ به النبي صلى الله عليه وسلم للتبرك.والنائل: الآخذ ممن أخذ من وضوئه عليه الصلاة والسلام. أتَتَبَّعُ فَاهُ هَهُنَا وهَهُنَا : ظرفا مكان، والمراد يلتفت جهة اليمين وجهة الشمال ليبلغ من حوله. عَنَزَةٌ : رمح قصير، في طرفه حديدة دقيقة الرأس يقال لها: زج. حيَّ : أقبلوا. الفَلاَح : الفوز بالمطلوب والنجاة من المرهوب. ثُمَّ لَم يَزلَ يُصِلِّي رَكعَتَين : استمر يصلي ركعتين لأجل السفر، يعني: في الصلاة الرباعية، وهي: الظهر، والعصر، والعشاء.

شرح الحديث

كان النبي صلى الله عليه وسلم نازلًا في الأبطح في أعلى مكة، فخرج بلال بفضل وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ، وجعل الناس يتبركون به، وأذن بلال. قال أبو جحيفة: فجعلت أتتبع فم بلال، وهو يلتفت يمينًا وشمالًا عند قوله: "حي على الصلاة حي على الفلاح" ليسمع الناس حيث إن الجملتين حث على المجيء إلى الصلاة، ثم رُكِزَت للنبي صلى الله عليه وسلم رمح قصيرة لتكون سترة له في صلاته، فصلى الظهر ركعتين، ثم لم يزل يصلي الرباعية ركعتين حتى رجع إلى المدينة، لكونه مسافرًا.

التوثيق
  • الدرجة: صحيح
  • المصدر: متفق عليه
من فوائد الحديث

مشروعية التفات المؤذن يمينا وشمالا عند قوله: (حي على الصلاة، حي على الفلاح) والحكمة في هذا تبليغ الناس ليأتوا إلى الصلاة؛ لأن هاتين الجملتين نداء ومخاطبة للناس، وما عداهما ذكر لله تعالى؛ لذلك خصتا بالالتفات. مشروعية قصر الرباعية إلى ركعتين في السفر. المسافر يقصر وإن كان في بلد تزوج فيه، أو استوطنه سابقًا. مشروعية السترة أمام المصلي ولو في مكة. شدة محبة الصحابة للنبي -صلى الله عليه وسلم- وتبركهم بآثاره، وهذا التبرك خاص به -صلى الله عليه وسلم-. تواضع النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث كان مخيمه تلك القبة الصغيرة من الجلود. جواز لبس الحلة الحمراء الغير الخالصة في الحمرة. جواز تشمير الرجل ثوبه عن ساقيه لاسيما في السفر. الساقين ليسا من العورة. مشروعية الأذان في السفر.