ذكرتُ شيئًا من تبر عندنا فكرهت أن يحبسني، فأمرت بقسمته

عن عقبة بن الحارث رضي الله عنه قال: صليت وراء النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة العصر، فسَلَّمَ ثم قام مُسرعًا، فتَخَطَّى رِقَابَ الناس إلى بعض حُجَرِ نِسائه، فَفَزِعَ الناسُ من سُرْعَتِهِ، فخرج عليهم، فرأى أنهم قد عجبوا من سُرْعَتِهِ، قال: «ذكرت شيئاً من تِبْرٍ عندنا فكرهت أن يَحْبِسَنِي، فأمرتُ بِقِسْمَتِهِ». وفي رواية: «كنت خَلَّفْتُ في البيت تِبْرًا من الصدقة، فكرهت أن أُبَيِّتَهُ».
معاني المفردات

فَتَخَطَّى : قَطَع الصفوف حال جلوس الناس. حُجَر : جمع حُجْرة، اسم للمنزل. فَفَزِعَ : خاف الناس؛ لأنه خالف عادته؛ لأنَّ عادته أن يمشي بتأن. يَحْبِسَنِي : يشغلني التفكير فيه عن التوجه والإقبال على الله -تعالى-. التِبر : الذهب والفضة قبل أن يضربا دنانير ودراهم، ويطلق على الذهب تغليبًا، كما يطلق على غيره من المعادن.

شرح الحديث

قال عقبة بن الحارث رضي الله عنه أنه صلَّى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم صلاة العصر، فقام النبي صلى الله عليه وسلم حين انصرف من صلاته مسرعاً، يَتخَطَّي رقاب الناس متوجهاً إلى بعض حجرات زوجاته؛ فخاف الناس من ذلك، ثم خرج فرأى الناس قد عجبوا من ذلك؛ فبين لهم النبي صلى الله عليه وسلم سبب هذا، وأخبر أنه تذكر شيئًا من ذهب غير مضروب مما تجب قسمته، فكره أن يمنعه ويشغله التفكير فيه عن التوجه والإقبال على الله تعالى .

التوثيق
  • الدرجة: صحيح
  • المصدر: رواه البخاري
من فوائد الحديث

جواز قيام الإمام بعد الفراغ من الصلاة دون أن يقول أذكار دبر الصلاة إذا أتاه ما يشغله، ويؤخر الأذكار. أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسرع الناس مبادرة إلى الخير. جواز تخطي الرقاب بعد السلام من الصلاة، ولا سيما إذا كان لحاجة. جواز التعجب ممن فعل فعلاً ليس من عادته. أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كغيره من البشر يلحقه النسيان، وأنه ينسى كما ينسى غيره. انشغال الفكر في الصلاة لا يبطلها، ولكن يُخشى أن يذهب بالخشوع. استحباب التخلص مما يشغل القلب عن الله -تعالى-، واستحباب المبادرة إلى عمل الخير. شدة الأمانة وعظمها، وأن الإنسان إذا لم يبادر بأدائها فإنها قد تحبسه. جواز الاستنابة والتوكيل في صرف الصدقات مع القدرة على المباشرة.