من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كُنَّ له سترًا من النار
معاني المفردات
تَسْأَل : تطلب مالاً عن حاجة. ابْتُلِيَ : اخْتُبِر. بِشَيءٍ : أي بشيء من أحوال البنات، سماه ابتلاء لأن بعض الناس لا يحبون تحمل أمرهن. سِتْرًا : حِجَابًا ووِقَايَة.
شرح الحديث
دخلت على عائشة رضي الله عنها امرأة ومعها ابنتان لها تسأل -وذلك لأنها فقيرة- قالت: فلم تجد عندي إلا تمرة واحدة، قالت: فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنَتَيها نِصفَين، وأَعطَت وَاحِدة نصف التمرة، وأعطت الأخرى نصف التمرة الآخر، ولم تأكل منها شيئا. فدخل النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة فأخبرته لأنها قصة غريبة عجيبة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "من ابتلي بشيء من هذه البنات فأحسن إليهن كن له سترا من النار". ولا يفهم من قوله صلى الله عليه وسلم : "من ابتلي": بلوى الشر، لكن المراد: من قُدِّر له، كما قال الله تعالى : (ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون) . يعني من قُدِّر له ابنتان فأحسن إليهما كُنَّ له سِترا من النَّار يوم القيامة، يعني أن الله تعالى يحجِبُه عن النار بِإِحسانه إلى البنات؛ لأنَّ البِنت ضعيفة لا تستطيع التَكَسُّب، والذي يكتسب هو الرجل، قال الله تعالى : (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) .
التوثيق
- الدرجة: صحيح
- المصدر: متفق عليه، واللفظ للبخاري
من فوائد الحديث
فضل رعاية البنات وأَنَّه بِفَضل ذلك يُحجَب عن النَّار وتُحَطُّ عنه الخطايا. استحباب التَّصدق بِمَا يقدِر عليه الإنسان ولو كان يسيرًا. شِدَّة عَطْف الأبوين على أبنَائِهِما. رِعَاية البنات سبب في رحمة الله، وإن كُنَّ موضع كراهة عند بعض الناس. جواز ذكر المعروف والتحدث بنعمة الله إن لم يكن على وجه الفخر والرياء والمِنَّة. بيان حال بيوتات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأن رزقه كان كفافا. بيان فضل الإيثار وأنه من سمات المؤمنين؛ فقد آثرت عائشة تلك المرأة وابنتيها على نفسها، وهذا يدل على سخائها وكرمها مع شدة حاجتها.