أكل المحرم من صيدٍ لم يُصَد لأجله ولا أعان على صيده
معاني المفردات
خرج حاجًّا : كان ذلك الخروج في عمرة الْحُدَيْبِيَة، فأطلق على العمرة اسم الحج، وهو جائز، فإن الحج - لغةً القصدُ، والمعتمر قاصد بيت الله بمكة لأداء أعمال مخصوصة، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (دخلت العمرة في الحج) رواه مسلم. فخرجوا : أي أصحابه. خذوا : اسلكوا. فلما انصرفوا : أي الطائفة إما من عند النبي -صلى الله عليه وسلم- أو من المكان الذي انتهوا اليه في الساحل. أحرموا : الإحرام هو نية الدخول في النسك. حُمُر وَحْش : نوع من الصيد على صفة الحمار الأهلي، ومفردها حمار.ونسبت إلى الوحش، لتوحشها، وعدم استئناسها. فحمل أبو قتادة على الحمر : أقبل عليها قاصدًا قتلها. فعقر : قتل. أَتانًا : هي الأنثى من الحمر. قالوا : قال بعضهم لبعض. عن ذلك : عن أكلنا من لحم الصيد. عليها : على حُمُر وَحْش. الْعَضُد : ما بين ركبة الحيوان وكتفه.
شرح الحديث
خرج النبي صلى الله عليه وسلم عام الْحُدَيْبِيَة، يريد العُمْرة. وقبل أن يصل إلى محرم المدينة، القريب منها، وهو "ذو الحليفة" بلغه أنَّ عَدُوُّاً أتى من قِبَل ساحل البحر يريده، فأمر طائفة من أصحابه -فيهم أبو قتادة- أن يأخذوا ذات اليمين، على طريق الساحل، ليصدُّوه، فساروا نحوه. فلما انصرفوا لمقابلة النبي صلى الله عليه وسلم في ميعاده، أحرموا إلا أبا قتادة فلم يحرم، وفي أثناء سيرهم، أبصروا حُمُر وَحْش، وتمنوا بأنفسهم لو أبصرها أبو قتادة لأنه حلال، فلما رآها حمل عليهاْ فعقر منها أَتاناً، فأكلوا من لحمها. ثم وقع عندهم شكٌّ في جوازِ أكلهم منها وهم محرمون، فحملوا ما بقي من لحمها حتى لحقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فسألوه عن ذلك فاستفسر منهم: هل أمره أحد منهم، أو أعانه بدلالة، أو إشارة؟ قالوا: لم يحصل شيء من ذلك. فَطَمْأَن قلوبهم بأنها حلال، إذ أمرهم بأكل ما بقي منها، وأكل هو صلى الله عليه وسلم منها تطييبًا لقلوبهم.
التوثيق
- الدرجة: صحيح
- المصدر: متفق عليه
من فوائد الحديث
قبوله -صلى الله عليه وسلم- الهدية، تطييبا لقلوب أصحابها. تحريم صيد الحلال على المحرم، إذا كان قد صِيدَ من أجله. أن العمرة حج وتسمى الحج الأصغر. مشروعية التحرز من العدو وأخذ الحذر وأن ذلك لا ينافي التوكل. حِلُّ حُمر الوَحْش، وأنها من الصيد. حل الصيد بقتله في أي موضع في بدنه. مشروعية التورع عما يشك في أنه حلال. كمال ورع الصحابة واحتياطهم حيث لم يأكلوا من اللحم حين شكوا ولم يرموه. حسن تعليم النبي -صلى الله عليه وسلم- وشفقته على أمته. جواز الاجتهاد في زمنه -صلى الله عليه وسلم-، لمن كان بعيدًا عنه.