يعمد أحدكم فيجلد امرأته جلد العبد، فلعله يضاجعها من آخر يومه
معاني المفردات
عَقَرَها : نحرها وذبحها. انْبَعَثَ : قام بسرعة. رَجُلٌ عَزِيز : قليل المثل. عَارِم : الشرير المفسد. مَنِيع : قوي ذو مَنَعَة. في رَهطِه : في قومه. امرأته : زوجته جَلدَ العَبد : أي: مثل ضربه في كونه شديدًا مؤذيًا. يُضَاجِعُهَا : يجامعها. وَعَظَهُم فِي ضَحِكِهم مِنَ الضَّرطَة : أي: حذَّرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- في خطبته من الضحك عند سماع صوت خروج الريح من الدبر؛ لأن الضحك من ذلك خلاف المروءة، وفيه هتك الحرمة، وهو أمر معتاد من كل إنسان.
شرح الحديث
كان صلى الله عليه وسلم يخطب، وسمعه عبد الله بن زمعة، ومن جملة ما خطب أنه سمع النبي ذكر الناقة التي كانت معجزة لنبي الله صالح -على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام-، وكان من جملة ما ذكره أيضا الذي عقرها، يقال له قُدَار بن سالف والذي كان أشقى القوم، وجاء من أوصافه: أنه قليل المثل، شديد الإفساد، ذو منعة في قومه. ثم قال -عليه الصلاة والسلام- في خطبته: "يعمد أحدكم فيجلد امرأته جلد العبد" وهو في العادة ضرب شديد، وفي سياق الحديث استبعاد وقوع الأمرين من العاقل، أن يُبَالِغَ في ضرب امرأته ثم يجامعها من بقية يومه أو ليلته؛ والمجامعة أو المضاجعة إنما تستحسن مع الميل والرغبة في العشرة، والمجلود غالباً ينفر ممن جلده، فوقعت الإشارة إلى ذَمِّ ذلك، وأنه إذا كان ولا بد فليكن التأديب بالضرب اليسير بحيث لا يحصل معه النفور التام، فلا يفرط في الضرب ولا يفرط في التأديب. ثم (وعظهم) أي: حذَّرهم في (ضحكهم من الضرطة)؛ وذلك لأنه خلاف المروءة، ولما فيه من هتك الحُرمة، وقال في تقبيح ذلك: (لِم يضحك أحدكم مما يفعل؟)؛ وذلك لأنَّ الضحك إنما يكون من الأمر العجيب والشأن الغريب، يبدو أثره على البشرة فيكون التبسم، فإن قوي وحصل معه الصوت كان الضحك، فإن ارتقى على ذلك كانت القهقهة، وإذا كان هذا الأمر معتاداً من كل إنسان فما وجه الضحك من وقوع ذلك ممن وقع منه؟.
التوثيق
- الدرجة: صحيح
- المصدر: متفق عليه
من فوائد الحديث
إخبار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقصص الماضين. بيان معجزة صالح -عليه الصلاة والسلام- وهي الناقة. ينبغي على العالم إذا وعظ الناس أن يذكرهم بسنن الله في الماضيين؛ لما فيها من مواعظ حسنة وذكرى للذاكرين. عامة الناس تبع لعِلِّيَّة القوم وكبرائهم على الأغلب. العامة متى رضيت بفساد الخاصة عمَّهم العذاب جميعًا. إذا لم ينفع الوعظ والهجر في تأديب الزوجة التي يخشى منها النشوز، فليكن التأديب بالضرب اليسير الذي لا يحصل معه النفور التام، كما قال -تعالى-:(فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن). الإيماء إلى جواز الضرب اليسير للنساء، مع عدم ضرب الوجه، بحيث لا يحصل معه النفور. الضحك إنما يحصل في الأمر الغريب العجيب، وأما الأمر المعتاد من كل إنسان؛ فالضحك منه خلاف المروءة، وهتك لحرمة المسلم. أن المجامعة إنما تستحسن مع الرغبة في العشرة فيستبعد وقوع الضرب الشديد، والمضاجعة في يوم واحد من عاقل.