نزلت آية المتعة -يعني متعة الحج- وأمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم لم تنزل آية تنسخ آية متعة الحج، ولم ينه عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات
معاني المفردات
آيَةُ المُتعَة : هي قوله -تعالى-: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ}، [البقرة: 196] الآية. في كِتَاب اللَّهِ -تعالى- : القرآن؛ وسمي بذلك: لأنه مكتوب في اللوح المحفوظ، وأضيف إلى الله -عز وجل-؛ لأنه كلامه. فَفَعَلنَاهَا : المتعة، والغرض من هذه الجملة: توكيد ثبوت مشروعيتها حيث طبقت فعلاً. مع رسول الله : في صحبته ومعيته. يُحَرِّمُهَا : يمنع منها. لَم يَنهَ : أي: النبي -صلى الله عليه وسلم-، والنهي: طلب الكف. عنها : عن المتعة. رَجُلٌ : أخفاه كراهية لذكر اسمه في هذا المقام. برَأيِهِ : بنظره المجرد عن الدليل. ما شاء : ما أراد من القول، وهو المنهي عنها. يقال : في تعيين الرجل المخفي في الحديث، وقائل ذلك: عمران بن حصين، كما في لفظ مسلم. مُتعَة الحج : أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، ويحل منها، ثم يحرم بالحج من عامه. تَنْسَخُ : ترفع الحكم.
شرح الحديث
ذكر عمران بن حصين رضي الله عنهما المتعة بالعمرة إلى الحج، فقال: إنها شرعت بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فأما الكتاب، فقوله تعالى : {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}. وأما السنة: ففعل النبي صلى الله عليه وسلم لها، وإقراره عليها، ولم ينزل قرآن يحرمها، ولم ينه عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي باقية لم تنسخ بعد هذا، فكيف يقول رجل برأيه وينهى عنها؟ يشير بذلك إلى نهي عمر بن الخطاب رضي الله عنه عنها في أشهر الحج؛ اجتهادا منه ليكثر زوار البيت في جميع العام؛ لأنهم إذا جاءوا بها مع الحج، لم يعودوا إليه في غير موسم الحج، وليس نهي عمر رضي الله عنه للتحريم أو لترك العمل بالكتاب والسنة، وإنما هو منع مؤقت للمصلحة العامة.
التوثيق
- الدرجة: صحيح
- المصدر: الرواية الأولى: متفق عليها. الرواية الثانية: رواها مسلم
من فوائد الحديث
مشروعية التمتع وثبوته في الكتاب والسنة. قوله: "لم ينزل قرآن يحرمها" دليل على ثبوت النسخ في الشريعة، وأن القرآن ينسخ بالقرآن. القرآن منزل غير مخلوق. توفي النبي -صلى الله عليه وسلم- وحكم المتعة باق لم ينسخ. قوله: "ولم ينه عنها" دليل على جواز نسخ القرآن بالسنة؛ لأنه لو لم يكن النسخ ممكنا لما احتاج إلى الاحتراز في رفع حكم التمتع الثابت بالقران من نهي النبي -صلى الله عليه وسلم-. قوله: "قال رجل برأيه ما شاء" فسره البخاري بعمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وروي أيضا عن عثمان ومعاوية -رضي الله عنه-، وقصدهم من ذلك أن لا يقتصر الناس على زيارة البيت في أشهر الحج فقط، بل ليقصد في جميع العام، ولكن كتاب الله تعالى وسنة رسوله مقدمان على كل اجتهاد، والله أعلم بأسرار شرعه، والآن مع جواز التمتع وإتيان الناس بالعمرة في أشهر الحج، لم يخل البيت من الزوار في كل وقت، نسأل الله -تعالى- أن يعلي كلمته، وينشر دينه، ويقيم شعائره. آمين. لا نسخ بغير الكتاب والسنة، ولا نسخ بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-. الإنكار على من عارض السنة أيًّا من كان. حسن سيرة السلف الطيبين، في الجمع بين بيان الحق واحترام ذوي الفضل.