إذا أراد الله بالأمير خيرا، جعل له وزير صدق، إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه، وإذا أراد به غير ذلك جعل له وزير سوء، إن نسي لم يذكره، وإن ذكر لم يعنه
معاني المفردات
وَزِير : هو الصاحب المؤازر الذي يلتجيء الأمير إلى رأيه وتدبيره، ويحمل عنه شيئًا من أثقاله. صِدق : صادق ناصح. إِنْ نَسِيَ : أي: شيئًا مما يجب فعله، ويحقق مصلحة الأمة. وَإِذَا أَرَادَ بِهِ غَيرَ ذَلِكَ : أراد به شرًّا. سُوءٍ : سيِّء يميل إلى الشر والفساد، ويرغِّب في ظلم الحاكم للرعية.
شرح الحديث
يبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أنّ الله تعالى: "إذا أراد بالأمير خيراً"، وفسِّرت هذه الخيرية لمن وُفِّق لوزير صدق من الأمراء بخيرية التوفيق لخيري الدارين، كما فسرت هذه الخيرية بالجنة. وقوله: "جعل له وزير صدق" أي في القول والفعل، والظاهر والباطن، وأضافه إلى الصدق؛ لأنَّه الأساس في الصُحبة وغيرها. فــ"إن نسي" أي: هذا الأمير، فإن نسي ما يحتاج إليه -والنسيان من طبيعة البشر-، أو ضلّ عن حكم شرعي، أو قضية مظلوم، أو مصالح لرعية، "ذكَّره" أي: هذا الوزير الصادق وهداه. "وإن ذكر" الأمير ذلك، "أعانه" عليه بالرأي والقول والفعل. وأما قوله: "وإذا أراد به غير ذلك" أي: غير الخير، بأن أراد به شرّاً، كانت النتيجة "جعل له وزير سوء" والمراد: وزير سوء في القول، والفعل، نظير ما سبق في ضده. "إن نسي" أي: ترك مالا بد منه "لم يذكِّره" به؛ لأنه ليس عنده من النور القلبي ما يحمله على ذلك. "وإن ذكر لم يعنه" بل يسعى في صرفه عنه؛ لشرارة طبعه، وسوء صنعه.
التوثيق
- الدرجة: صحيح
- المصدر: رواه أبو داود
من فوائد الحديث
وجود فئة صالحة حول الحاكم ترشده إلى الخير وتعينه عليه دليل توفيق الله -تعالى ورضاه عنه-، وفي ذلك عون على إقامة العدل. الحث على اتخاذ وزير صالح، وأن ذلك من علامة سعادة الوالي، والتحذير من وزير السوء، وأنه علامة على شقاوة الوالي. تحذير الحكام من بطانة الشر؛ فإنها سبب للإفساد والطغيان. لا يقتصر هذا الأمر على الرئيس أو الأمير، بل ينطبق على كل صاحب ولاية عامة على أمر من أمور المسلمين.