كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ: مِمَّا أَفَاءَ الله عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا لَمْ يُوجِفْ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلا رِكَابٍ
معاني المفردات
بني النضير : إحدى طوائف اليهود الذين سكنوا قرب المدينة. لم يوجف : الإيجاف: الإسراع في السير. رِكاب : هي الإبل. الكُراع : اسم للخيل. مما أفاء الله : الفيء: الرجوع، سمي به المال الذي أخذ من الكفار بغير قتال؛ لأنه رُدَّ لمصالح المسلمين.
شرح الحديث
لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة مهاجراً، وجد حولها طوائف من اليهود، فوادعهم وهادنهم، على أن يبقيهم على دينهم، ولا يحاربوه، ولا يعينوا عليه عَدُوا. فقتل رجل من الصحابة يقال له عمرو بن أمية الضمري رضي الله عنه رجلين من بنى عامر، يظنهما من أعداء المسلمين. فتحمل النبي صلى الله عليه وسلم دية الرجلين، وخرج إلى قرية بنى النضير يستعينهم على الديتين. فبينما هو جالس في أحد أسواقهم ينتظر إعانتهم، إذ نكثوا العهد وأرادوا قتله. فجاءه الوحي من السماء بغدرهم، فخرج من قريتهم مُوهِماً لهم وللحاضرين من أصحابه أنه قام لقضاء حاجته، وتوجه إلى المدينة. فلما أبطأ على أصحابه، خرجوا في أثره فأخبرهم بغدر اليهود- قبَّحَهُمُ الله تعالى- وحاصرهم في قريتهم ستة أيام، حتى تمَّ الاتفاق على أن يخرجوا إلى الشام والحِيرَة وخَيبَرَ. فكانت أموالهم فَيْئاً بارداً، حصل بلا مشقة تلحق المسلمين، إذ لم يُوجِفُوا عليه بخيل ولا ركاب. فكانت أموالهم لله ولرسوله، يَدَخِّرُ منها رسول الله صلى الله عليه وسلم قوت أهله لمدة سنة، ويصرف الباقي في مصالح المسلمين العامة، وأولاها في ذلك الوقت عُدةُ الجهاد من الخيل والسلاح، ولكل وقت ما يناسبه من المصارف للمصالح العامة.
التوثيق
- الدرجة: صحيح
- المصدر: متفق عليه
من فوائد الحديث
أن أموال بنى النضير صارت فيئا لمصالح المسلمين العامة، إذ حصلت بلا كلفة ولا مشقة تلحق المسلمين المجاهدين.فكل ما كان مثلها مما تركه الكفار فزعا من المسلمين، أو صولحوا على أنها لنا، والجزية والخراج، فهو لمصالح المسلمين العامة. يحق للإمام من الفيء ما يكفيه ويكفي من يمون. أن يتحرى الإمام في صرف الفيء وكذلك صرف ما في بيت مال المسلمين المصالح النافعة، ويبدأ بالأهم فالأهم، ولكل وقت ما يناسبه. جواز ادّخار القوت، وأنه لا ينافى التوكل على الله -تعالى- فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعلى المتوكلين، وقد ادخر قوت أهله.