دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توُفِّيَتْ ابنته، فقال: اغْسِلْنَهَا ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثر من ذلك -إن رَأَيْتُنَّ ذلك- بماء وَسِدْرٍ، واجعلن في الأخيرة كافورًا -أو شيئًا من كافور- فإذا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي
معاني المفردات
رَأَيْتنَّ ذلكِ : إن كان رأيكن واجتهادكن أنها تحتاج أكثر من الخمس، المخاطبة أنثى. سِدْر : هو شجر النبق، والذي يغسل الميت بورقه بعد طحنه. في الأخيرة : في الغسلة الأخيرة. كافور : نوع من الطيب، من خواصه أنه يُصلبُ الجسد. شيئا من كافور : أو للشك من الراوي وهذا يشعر بقلة الكافور. فَرَغْتُنَّ : انتهيتن من غسلها. آذنني : أعلمنَنِي. حَقْوه : بفتح الحاء وكسرها الأصل فيه أنه موضع شد الإزار، وتوسعوا فيه فأطلقوه على الإزار نفسه. أشْعِرْنَهَا إياه : الشعار ما يلي الجسد من الثياب، ومعناه: اجعلن إزاري مما يلي جسدها بحيث يكون ملاصقا له ليس بينه وبين جسدها ثوب قبله. بميامنها : الميامن: جمع "ميمنة" بمعنى اليمين، ومنه قوله تعالى: {وأصحاب الميمنة}. مواضع الوضوء : هي اليدان إلى المرفقين والرجلان إلى الكعبين والوجه والرأس. قُرون : ضفائر.
شرح الحديث
لما تُوُفيت زينب رضي الله عنها ، وهي بنت النبي صلى الله عليه وسلم ، دخل النبي صلى الله عليه وسلم على النسوة اللاتي يغسلنها، وفيهن "أم عطية الأنصارية" ليعلمهن صفة غسلها، لتخرج من هذه الدنيا إلى ربها، طاهرة نقية فقال: اغسلنها ثلاثاً، أو خمسا، ليكون قطع غسلهن على وتر أو أكثر من ذلك، إن رَأيْتُنَّ أنها تحتاج إلى الزيادة على الخمس، وأنه لازم. وليكون الغسل أنقى، والجسد أصلب، اجعلن مع الماء سدراً، وفي الأخيرة كافورا، لتكون مطيبة بطيب يبعد عنها الهوام، ويشد جسدها، ووصاهن أن يبدأن بأشرف أعضائها، من الميامن، وأعضاء الوضوء، وأمرهن - إذا فرغن من غسلها على هذه الكيفية- أن يخبرنه. فلما فرغن وأعلمنه، أعطاهن إزاره الذي باشر جسده الطاهر، ليشعرنها إياه، أي ليكون مما يلي جسدها، فيكون بركة عليها في قبرها، وقد نقضت النسوة اللاتي يغسلن زينب رأسها وغسلنه وجعلنه ثلاثة قرون الناصية قرن والجانبان قرنان وألقينه خلفها.
التوثيق
- الدرجة: صحيح
- المصدر: متفق عليه
من فوائد الحديث
وجوب غسل الميت المسلم، وأنه فرض كفاية. أن المرأة لا يغسلها إلا النساء، والرجل لا يغسله إلا الرجال، إلا ما استثنى من المرأة مع زوجها، والأمة مع سيدها، فلكل منهما غسل صاحبه. أن يكون بثلاث غسلات، فإن لم يكفِ، فخمس، فإن لم يكفِ، زِيدَ على ذلك، بحسب المصلحة والحاجة، وبعد ذلك إن كان ثَمَّ شيء من النجاسات خرج من الجسد، سُدَّ المحل الذي يخرج منه الأذى. أن يقطع الغاسل غسلاته على وتر، ثلاث، أو خمس، أو سبع. أن يكون مع الماء سِدر؛ لأنه يُنَقي، ويُصلب جسد الميت وأن الماء المتغير بالطاهر باق على طهوريته. أن يُطَيَّبَ الميت مع آخر غسلاته، لئلا يذهب الماءُ، ويكون الطيب من كافور، لأنه- مع طيب رائحته- يشد الجسد، فلا يسرع إليه الفساد. البداءة بغسل الأعضاء الشريفة، وهي: الميامن، وأعضاء الوضوء. استحباب تسريح شعر الميتة وضفره ثلاث ضفائر، وجعله خلف الميتة. جواز التعاون في غسل الميت لكن لا يحضر إلا من يحتاج إليه. التبرك بآثار النبي -صلى الله عليه وسلم- كملابسه ، وهذا شيء خاص به، فلا يتعداه إلى غيره من العلماء والصالحين، لأن هذه الأشياء توقيفية، والصحابة لم يعملوها مع غيره قط ولأنه مع غيره وسيلة للشرك وفتنة لمن تُبرك به. شفقة النبي -صلى الله عليه وسلم- وكمال صلته لرحمه. جواز تفويض الشخص الأمين في العمل بما اؤتمن عليه إذا كان أهلا للتفويض.