إن موسى كان رجلًا حَيِيًّا ستيرًا، لا يرى من جلده شيء استحياء منه، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل
معاني المفردات
حَيِيًّا : كثير الحياء. ستيرًا : من شأنه وإرادته حب الستر والصون. بَرَص : بياض يظهر في ظاهر البدن. أُدْرة : نفخة في الخصية. آفة : مرض أو عيب. خلا : انفرد. عدا : مضى مسرعًا. ملإ : جماعة. طفق : جعل. نُدْبًا : هو الأثر الباقي في الحجر، من ضرب موسى له. وجيهًا : صاحب جاه أي مكانة ومنزلة.
شرح الحديث
كان نبي الله موسى -عليه السلام- رجلًا كثير الحياء، يحب الستر والصون، لا يجعل أحدًا يرى شيئا من جلده استحياء منه، فآذاه بنو إسرائيل فقالوا: ما يستتر هذا التستُّر، إلا من عيب بجلده: إما بَرَص، وهو بياض يظهر في الجلد، وإما أُدْرة، وهي نفخة في الخصية، وإما عيب آخر، أو من مرض، وإنَّ الله أراد أن يُبرئه وينزهه مما قالوا، فانفرد موسى يومًا وحده، فوضع ثيابه على حجر، ثم اغتسل، فلما انتهى من اغتساله أقبل إلى ثيابه ليأخذها، فوجد الحجر قد جرى بثوبه، فأخذ موسى عصاه وجرى عريانًا وراء الحجر ليأخذ ثيابه، وجعل يقول: رد إليَّ ثوبي يا حجر. حتى مر على جماعة من بني إسرائيل، فرأوه عريانا أحسن ما خلق الله، وعلموا أنه ليس به مرض ولا عيب، وبرأه الله مما يقولون، وأدرك موسى الحجر، فأخذ ثوبه فلبسه، وجعل يضرب الحجر بعصاه، حتى إن بالحجر آثارًا باقية من ضرب موسى له إما ثلاثة آثار أو أربعة أو خمسة، وهذا الأذى الذي آذاه بنو إسرائيل لنبي الله موسى نزل فيه قوله تعالى : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا} [الأحزاب: 69]. أي: احذروا أن تكونوا مؤذين للنبي صلى الله عليه وسلم كما آذى بنو إسرائيل موسى صلى الله عليه وسلم فأظهر الله براءته مما قالوه فيه، وكان موسى صاحب جاه ومنزلة عند الله تعالى .
التوثيق
- الدرجة: صحيح
- المصدر: متفق عليه
من فوائد الحديث
الأنبياء -صلى الله تعالى عليهم وسلم- منزهون عن النقائص والعيوب الظاهرة والباطنة. من نسب نبيًّا من الأنبياء إلى نقص في خلقه فقد آذاه ويخشى عليه الكفر. في الحديث بيان بيان لفضل لموسى -عليه الصلاة والسلام- كما أن فيه معجزة ظاهرة له. من صفات المؤمن أنه حيي، وأنه يستتر عند اغتساله. جواز الاغتسال في الخلوة عرياناً. جواز المشي عريانا للضرورة. جواز النظر إلى العورة عند الضرورة للمداواة ونحوها.