ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم، فاشتد قوله في ذلك، حتى قال: لينتهن عن ذلك، أو لتخطفن أبصارهم
معاني المفردات
ما بال : يعني ما شأنهم، لماذا يرفعون أبصارهم إلى السماء؟ فاشْتَدَّ قوله : أي: فبالغ النبي -صلى الله عليه وسلم- في الإنذار والوعيد. لَيَنْتَهُنَّ عن ذلك : من الانتهاء، والمعنى: ليكونن منهم الكف، والامتناع عن رفع الأبصار. لَتُخْطَفَنَّ أبْصَارُهم : الخطف أخذ الشيء واستلابه بسرعة.
شرح الحديث
يفيد هذا الحديث إلى ما ينبغي أن يكون عليه المصلِّي في صلاته من لزوم السكينة والخشوع، ومن علامات خشوع القلب سكون الجوارح؛ ولذلك حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم أمَّته من العَبث في الصلاة ورفع البَصر فيها إلى السماء؛ لأنه أمْر مُنَاف لأدب الصلاة ومَقامها؛ فإنَّ المصلِّي يُناجي ربَّه تعالى ، وهو تجاهه في قِبلته، فرفع البَصر في هذا المقام إساءة أَدب مع الله؛ لذلك بالغ النبي صلى الله عليه وسلم في الإنذار والوعيد، وحذَّر هؤلاء الذين يرفعون أبصارهم إلى السماء أثناء الصلاة بأنَّهم إما أن ينتهوا عن ذلك، ويمتنعوا من فعله، أو ستُخطف أبْصارُهم، وتؤخذ بسرعة؛ بحيث لا يشعرون إلا وقد فَقَدوا نِعمة البَصر؛ جزاء لهم على استهانتهم بشأن الصلاة.
التوثيق
- الدرجة: صحيح
- المصدر: متفق عليه
من فوائد الحديث
حُسن دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- وبيان الحق؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يَكشف عن المُخالف؛ لأن المقصود بيان الحقِّ وقد حصل؛ ولأن فيه سَترًا على المخالف وأدعى للقبول. النَّهي الأكيد، والوعيد الشَّديد على من رفع بَصره إلى السماء في الصلاة. الخُشوع هو لبُّ الصلاة وروحُها، ويكون بالقلب والجوارح، والذي يرفع بصره إلى السماء، ويجيل نظره هاهنا، وهاهنا، لم يخشع قلبه ولا جوارحه. عِظَم شأن الصلاة، وأنه يجب على المُصلِّي أن يكون فيها على كمال الأدب مع الله -عز وجل-. وجوب الإنْكَار على من يرفع رأسه إلى السَّماء في الصلاة. بيان قدرة الله؛ لأن ما هدَّد به النبي -عليه الصلاة والسلام- ممكن الوقوع.