إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه، أو إن ربه بينه وبين القبلة، فلا يبزقن أحدكم قبل قبلته، ولكن عن يساره أو تحت قدميه
معاني المفردات
نُخَامَة : ما يدفعه الإنسان من صَدره أو أنْفِه من بَلغَم أو نحوه. حَكَّه : أزاله. يُنَاجِي رَبَّه : يعني أن المصلي إذا كان في صلاته فإنه يخاطب الله تعالى, والله -عزّ وجلّ- يرد عليه, وأصل المُنَاجاة: المسارَّة. يَبْزُقَنَّ : البَصق أو البَزْق، إخراج ماء الفَمِّ، وقبل إخراجه يسمى رِيقًا. القِبلة : جدار المسجد الذي من جهة القِبلة. فشق ذلك عليه : كره ذلك كرها شديدا حتى رئي ذلك في وجهه. قِبَل : مقابل. بينه وبين القبلة : أي: أن الله -سبحانه وتعالى- أمامك بينك وبين القِبْلة، وإن كان -سبحانه وتعالى- في السماء فوق عرشه، فإنه أمامك؛ لأنه محيط بكل شيء و (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الشورى: 11), وليس معنى ذلك أنه مختلط بالناس أو أنه في المكان الذي فيه المصلي, تعالى الله عن ذلك, فالله -تعالى- قريب من المصلي, وقريب من الداعي قربًا يليق بجلاله, ليس كقرب المخلوق من المخلوق, وإنما هو قرب الخالق -جل وعلا- من المخلوق. ثم ردّ بعضه على بعض : أي: رد بعض الرداء على بعض ليذهب أثر البزاق.
شرح الحديث
أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نُخامَة في جدار المسجد الذي يَلي القِبلة، فصعب عليه هذا الفعل حتى شُوهد أثر المشقَّة في وجهه صلى الله عليه وسلم ، فقام بِنَفْسه صلى الله عليه وسلم فأزال أثر النُّخامة بيده الشريفة تعليمًا لأمته، وتواضعا لربِّه -جل جلاله- ومحبة لبَيتِه، ثم ذكر أن العَبد إذا قام في الصلاة، فإنه يُناجي ربَّه بِذكره ودعائه، وتلاوة آياته، فاللائق به في هذا المقام أن يخشع في صلاته ويتذكر عظمة من يُناجيه ويُقبل عليه بِقَلبه، وأن يَبتعد عن إساءة الأدب مع الله تعالى ، فلا يَبصق إلى جهة قِبْلته، ثم أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما ينبغي فعله للمصلي في مثل هذه الحال، وذلك بأن يبصق عن يَساره، أو تحت قدمه اليُسرى، أو بأن يبصق في ثوبه ونحو ذلك، ويحك بعضه على بعض لإزالته. وعلى المصلي أن يستشعر مقابلته لله تعالى وإقباله عليه وإن كان سبحانه وتعالى في السماء فوق عرشه، فإنه أمام المصلي؛ لأنه محيط بكل شيء و (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الشورى: 11)، وليس معنى ذلك أنه مختلط بالناس أو أنه في المكان الذي فيه المصلي، تعالى الله عن ذلك، فالله تعالى قريب من المصلي، وقريب من الداعي قربًا يليق بجلاله، ليس كقرب المخلوق من المخلوق، وإنما هو قرب الخالق جل وعلا من المخلوق، ومثال ذلك في خلقه ولله المثل الأعلى، الشمس هي فوقك ومع ذلك تكون أمامك في حال الشروق والغروب.
التوثيق
- الدرجة: صحيح
- المصدر: متفق عليه
من فوائد الحديث
غَضب النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا انتُهِكت مَحارم الله. وجوب الأمر بالمعروف والنَّهي عن المُنْكر. أن النُّخامة طاهرة؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- حكَّها بيده، وكذلك قوله: (أو يفعل هكذا) ولو كانت نَجِسة لم يأذن بالبَصق في ثوبه. أن الصلاة فرضًا أو نفلًا مَوطن مُنَاجاة لله -تعالى-، واتصال العبد بربه. دعوة الإسلام إلى النَّظافة والطهارة والنَّزاهة، وَيُنَفِّرُ من القَذارة والوسَاخة. الحثُّ على احترام المساجد وتنظيفها من الأقذار وعدم البصق فيها إلا في ثوب أو منديل ونحوه. النَّهي عن البُصاق إلى جهة اليمين؛ يؤخذ هذا من مفهوم الحديث، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- أرشد أُمَّته في حال احتاج المصلي إلى البَصْق فليكن عن يساره تحت قدمه، ويؤيده رواية: ( فإنَّ عن يمينه ملكًا )، ولابن أبي شيبة "فإنَّ عن يمينه كاتب الحسنات". أن جَهة اليَمين أشرف من جِهة الشِّمال، فيجعل اليمين للمُستطَابات، والشِّمال للمُستقذَرات. أن المَلَك المُقيم في جَهة اليَمين، أشرف من المَلَك المقيم في جهة الشِّمال. أن من حِكمة الشَّارع إذا ذَكَر الممنوع فتح باب الجائز؛ لقوله بعد المنع: (ولكن عن شِماله أو تحت قَدمه). في الحديث التعليم بالفعل؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أو يقول هكذا، وبصق في ثوبه وحَكَّ بعضه ببعض). جواز الحرَكة اليَسيرة للحاجة؛ لقوله: (ولكن عن شماله أو تحت قدمه أو يفعل به هكذا..). أن الإنسان لا حرج عليه أن يَبصق أمام الناس، ولا سيما إذا كان للتعليم، لكن إذا كان مما يُنكره أهل البلد فلا يَبصق أمام الناس. أن من المروءة ألاَّ يَرى في ثوبك شيء يستقذره الناس -لأنه حَكَّ بعضها ببعض- لئلا تبقى صورتها في الثوب فإذا رآها الناس تأذوا منه وكرهوه.