أحيانًا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشده علي، فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانًا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول
معاني المفردات
صَلْصَلَة : صوت. فيَفْصِمُ عنِّي : يُقلع عني وينجلي ما يغشاني منه. وَعَيْتُ : حفظت الذي ذكره يتمثَّل : يتصوَّر. جَبِينه : ما بين منبت الشعر والحاجبين. يَتَفَصَّدُ : يسيل. الوحي : في اللغة الإشارة والرسالة والكتابة, وكل ما ألقي إلى شخص ليعلمه وحي كيف كان, ثم غلب استعمال الوحي فيما يلقى إلى الأنبياء من عند الله -تعالى-.
شرح الحديث
سأل الحارث بن هشام رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، كيف يأتيك الوحيُ؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أحيانًا يأتيه الملك -وهو جبريل- بالوحي فيكون صوت الملك بالوحي مشابهًا لصوت الجرس في قوته، وهو أشد شيء وأصعبه عليه صلى الله عليه وسلم ، وتغشاه شدة وكرب شديد ثم ينكشف عنه، وقد فهم وحفظ عن الملك ما قال، وإنما يأتيه الوحي بهذا الصوت الشديد؛ ليشغله عن أمور الدنيا، ويفرغ حواسه للصوت الشديد، فكان صلى الله عليه وسلم يفهم عنه؛ لأنه لم يبق في سمعه مكان لغير صوت الملك ولا في قلبه. وأخبره صلى الله عليه وسلم أنه أحيانًا أخرى يأتيه جبريل في صورة رجل مثل دحية أو غيره، فيكلمه بالوحي فيفهم ما يقوله له ويحفظه. وأخبرت عائشة رضي الله عنها أنها كانت ترى النبي صلى الله عليه وسلم عند نزول الوحي عليه في اليوم الشديد البرد فتنكشف عنه شدة الوحي وجبينه يسيل عرقًا من شدة ما يلقاه من الكرب والمعاناة.
التوثيق
- الدرجة: صحيح
- المصدر: متفق عليه
من فوائد الحديث
شدة الوحي وصعوبته على النبي -صلى الله عليه وسلم-. من الصفات التي كان ينزل بها الوحي على النبي -صلى الله عليه وسلم-, أن يكون صوت الملك بالوحي مشابهًا لصوت الجرس في قوته وهو أشد شيء وأصعبه عليه -صلى الله عليه وسلم-، كما كان جبريل يأتيه بالوحي في صورة رجلٍ أحيانًا. أن السؤال عن الكيفية لطلب المعرفة أو الطمأنينة لا يقدح في اليقين. جواز السؤال عن أحوال الأنبياء من الوحي وغيره. أن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانوا يسألونه -صلى الله عليه وسلم- عن كثير من المعاني، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجيبهم، ويعلمهم، وكانت طائفة منهم تسأل، وطائفة تحفظ، وكلهم أدّى، وبلّغ ما علم، ولم يكتم حتى أكمل الله دينه.