إنكم تسيرون عشيتكم وليلتكم، وتأتون الماء إن شاء الله غدًا
معاني المفردات
لا يلوي على أحد : لا يعطف، أي لا يلتفت لأحد. لا ضير : لا يضركم ذلك عند الله -تعالى-. إبهار الليل : انتصف. فنعس : النعاس مقدمة النوم. فدعمته : أقمت ميله من النوم وصرت تحته كالدعامة للبناء فوقها. تهور الليل : ذهب، أكثره مأخوذ من تهور البناء وهو انهداده. ينجفل : يسقط. بما حفظت به نبيه : بسبب حفظك نبيه صلى الله عليه وسلم. سبعة ركب : ركب جمع راكب. بميضأة : بكسر الميم وبهمزة بعد الضاد: وهي الإناء الذي يتوضأ به. وضوءا دون وضوء : وضوءًا خفيفًا. يهمس إلى بعض : يكلمه بصوت خفي. لا هُلْك عليكم : هو بضم الهاء من الهلاك. غمري : هو بضم الغين المعجمة وفتح الميم وبالراء هو القدح الصغير. أطلقوا لي : إيتوني به. فلم يعد أن رأى الناس ماء في الميضأة : لم يتجاوز رؤيتهم الماء في الميضأة. أحسنوا الملأ : الملأ الخلق والعشرة، يقال: ما أحسن ملأ فلان. أي خلقه وعشرته وما أحسن ملأ بني فلان. أي عشرتهم وأخلاقهم. جامِّين : مستريحين, والجمام: ذهاب الإعياء، والإجمام: ترفيه النفس لمدة حتى يذهب عنها التعب وتنشط. في مسجد الجامع : التقدير هنا مسجد المكان الجامع. تكابوا عليها : تزاحموا عليها مكبًّا بعضهم على بعض. رواء : الرواء ضد العطاش.
شرح الحديث
يبين الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في سفر وانتهى ما معهم من الماء فبشرهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم يجدونه أمامهم، مما دعا القوم إلى أن يسرعوا ولا ينتظروا، حتى سبقوا النبي صلى الله عليه وسلم وبعض الصحابة، وكان منهم أبو قتادة فكان الليل وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ينعس وأبو قتادة يعضده حتى لا يقع عن الراحلة حتى انتبه له الرسول صلى الله عليه وسلم ودعا له بالحفظ كما حفظه، ثم أخبره أن الناس سيختلفون في مكانه عليه الصلاة والسلام وأن أبا بكر وعمر سيخبرونهم بأنه خلفهم وأنهم إن أطاعوهم سيرشدوا، وهذا من علامات نبوته عليه الصلاة والسلام، ثم ناموا في الليل ولم يوقظهم إلا حر الشمس، فبين الرسول صلى الله عليه وسلم أن من نام عن الصلاة دون تعمد تركها ليس بمفرط، بل هو معذور، ولكن المفرط من يدع وقت الصلاة يخرج دون أن يصليها، فلما مشى النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الذين معه وصلوا للقوم وقد كادوا يهلكون من العطش، فبشرهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم لن يهلكوا وسيشربوا جميعاً ودعا بإناء أبي قتادة الذي يستخدمه للوضوء وهو قدح صغير، وتوضأ فيه ودعا الناس للشرب منه، فشرب الناس كلهم حتى لم يبق إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو قتادة رضي الله عنه، فشرب أبو قتادة بعد أن أخبره النبي صلى الله عليه وسلم أن على ساقي القوم أن يشرب آخرهم، وذلك من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم.
التوثيق
- الدرجة: صحيح
- المصدر: متفق عليه
من فوائد الحديث
فيه أنه يستحب لأمير الجيش إذا رأى مصلحة لقومه في إعلامهم بأمر أن يجمعهم كلهم ويشيع ذلك فيهم ليبلغهم كلهم ويتأهبوا له ولا يخص به بعضهم وكبارهم لأنه ربما خفي على بعضهم فيلحقه الضرر. استحباب قول إن شاء الله في الأمور المستقبلة. وفيه أنه يستحب لمن صُنع إليه معروف أن يدعو لفاعله. فيه استحباب الأذان للصلاة الفائتة. وفيه قضاء السنة الراتبة لأن الظاهر أن هاتين الركعتين اللتين قبل الغداة هما سنة الصبح. وقوله كما كان يصنع كل يوم فيه إشارة إلى أن صفة قضاء الفائتة كصفة أدائها. وفيه إباحة تسمية الصبح غداة. أن النائم ليس بمكلف وإنما يجب عليه قضاء الصلاة. امتداد وقت كل صلاة من الخمس حتى يدخل وقت الأخرى وهذا مستمر على عمومه في الصلوات إلا الصبح فإنها لا تمتد إلى الظهر بل يخرج وقتها بطلوع الشمس. إن ساقي القوم آخرهم؛ فيه هذا الأدب من آداب شاربي الماء واللبن ونحوهما وفي معناه ما يفرق على الجماعة من المأكول كلحم وفاكهة ومشموم وغير ذلك. وفي حديث أبي قتادة هذا معجزات ظاهرات لرسول الله صلى الله عليه وسلم, إحداها: إخباره بأن الميضأة سيكون لها نبأ وكان كذلك, الثانية: تكثير الماء القليل, الثالثة: قوله صلى الله عليه وسلم كلكم سيروى وكان كذلك, الرابعة: قوله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر وعمر كذا وقال الناس كذا, الخامسة: قوله صلى الله عليه وسلم إنكم تسيرون عشيتكم وليلتكم وتأتون الماء وكان كذلك, ولم يكن أحد من القوم يعلم ذلك ولهذا قال فانطلق الناس لا يلوي أحد على أحد إذ لو كان أحد منهم يعلم ذلك لفعلوا ذلك قبل قوله صلى الله عليه وسلم. سنة تخفيف الوضوء مع إتمامه. جواز النوم على الدابة.