قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون
معاني المفردات
ريثما : قدرما. رويدا : قليلا لطيفا. أجافه : أغلقه. دِرْعي : قميصي. اختمرت : لبست الخمار وهو الغطاء لرأس المرأة. تَقنَّعتُ : لبست. إزار : ثوب يحيط بالنصف الأسفل من البدن. البقيع : مقبرة بالمدينة. هرول : أسرع. أحضر : جرى. حَشْيَا : وقع عليك الحشا وهو الربو والتهيج الذي يعرض للمسرع في مشيه. رابِية : مرتفعة البطن بسبب زيادة التنفس. الخبير : من أسماء الله الحسنى وهو الذي أدرك علمه السرائر، واطلع على مكنون الضمائر فهو اسم يرجع إلى العلم بالأمور الخفية. اللطيف : من أسماء الله الحسنى وله معنيان بمعنى الخبير السابق والمعنى الثاني الذي يوصل إلى عباده وأوليائه مصالحهم بلطفه وإحسانه من طرق لا يشعرون بها. السواد : الشخص. لَهَدَني : ضربني بجميع كفه في صدري. يحيف : يظلم. جبريل : ملك موكل بالوحي يتشكل بصور مختلفة. تستوحشي : من الوحشة وهي الخَوْف الحَاصِلُ من الخَلْوَةِ.
شرح الحديث
تحكي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قصة حدثت معها ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم، بينما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها وفي ليلتها، أتى إلى فراشه، فوضعَ رداءه، وخلع نعلَيْه، فوضعهما عند رجليه، ثم اضطجع، فلما ظن أني قد نمت أخذ رداءه بلطف ورفق، حتى لا ينبهني، ولبس حذاءه برفق وفتح الباب فخرج، ثم أغلقه برفق، وإنما فعل ذلك صلى الله عليه وسلم في خفية لئلا يوقظها ويخرج عنها فربما لحقها خوف في انفرادها في ظلمة الليل، فلبست عائشة ثيابها واختمرت ثم انطلقت وراءه، حتى جاء البَقِيع وهو مقبرة بالمدينة فقام، فأطال القيام، ثم رفع يديه ثلاث مرات يدعو، ثم استدار ليرجع إلى منزله فاستدارت عائشة بسرعة، ثم أسرع في المشي فأسرعت، ثم جرى فجرت، فسبقته فدخلت، فاضطجعت فدخل، فقال: «ما لك؟ يا عائشُ، حَشْيا رابِية» معناه: قد وقع عليك الحشا وهو الربو والتهيج الذي يعرض للمسرع في مشيه والمحتد في كلامه من ارتفاع النفس وتواتره وقوله «رابية» أي: مرتفعة البطن. فقالت: ليس بي شيء. فقال: إما أن تخبريني أو يخبرني الله اللطيفُ الخبير. فأخبرته بالذي حدث، فقال: فأنتِ الشخص الذي رأيتُه أمامي؟ قالت: نعم، فدفعها بكفه في صدرها فأوجعها، ثم قال: «أظننتِ أنْ يَحِيفَ اللهُ عليك ورسولُه؟» أي: أتظنين أن يظلمك الله ورسوله بأن تكون ليلتك التي قسمتها لك ثم أذهب إلى غيرك من نسائي؟ قالت: «مَهْما يكتمِ الناسُ يعلمه الله، نعم» أي: أكُل ما يكتمه الناس يعلمه الله؟ وكأنها لما قالت هذا صدَّقت نفسها فقالت: نعم. ثم أخبرها أن جبريل أتاه، ولم يدخل عليه منزله؛ لأن عائشة كانت قد وضعت ثيابها وتجهزت للنوم، فظن النبي صلى الله عليه وسلم أنها قد نامت، وكره أن يوقظها حتى لا تخاف لانفرادها في ظلام الليل، فقال له جبريل: إنَّ ربَّك يأمركَ أن تأتيَ أهلَ البَقِيع فتستغفر لهم. فذهب النبي صلى الله عليه وسلم ممتثلا لهذا الأمر فأتى أهل مقبرة البقيع فاستغفر لهم ودعا لهم. فقالت عائشة: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: «قولي: السلامُ على أهل الدِّيار من المؤمنين والمسلمين، ويرحمُ اللهُ المستقدمين منا والمستأخرين، وإنَّا إن شاء الله بكم للاحِقون».
التوثيق
- الدرجة: صحيح
- المصدر: رواه مسلم
من فوائد الحديث
بيان لما كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- من الرفق والتلطف وحسن المعاشرة لأهله. استحباب إطالة الدعاء وتكريره ورفع اليدين فيه وفيه أن دعاء القائم أكمل من دعاء الجالس في القبور. استحباب قول الدعاء المذكور لزائر القبور. إثبات علم الله -سبحانه-. اللطيف والخبير من الأسماء الحسنى.